للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَادَتْ الْفُرُوضُ عَنْ الْمَالِ. فَلَوْ وَصَّى لَرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِمِائَةٍ، وَلِآخَرَ بِمُعَيَّنٍ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ، وَوَصَّى بِفِدَاءِ أَسِيرٍ بِثَلَاثِينَ، وَلِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ بِعِشْرِينَ، وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ، جَمَعْت الْوَصَايَا كُلَّهَا فَوَجَدْتهَا ثَلَاثَمِائَةٍ، وَنَسَبْت مِنْهَا الثُّلُثَ، فَتَجِدُهُ ثُلُثَهَا، فَتُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثَ وَصِيَّتِهِ، فَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثُ الْمِائَةِ، وَكَذَلِكَ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ، وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْخَمْسِينَ إلَى ثُلُثِهَا، وَلِفِدَاءِ الْأَسِيرِ عَشْرَةٌ، وَلِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ سِتَّةٌ، وَثُلُثَانِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا عِتْقٌ، فَعَنْ أَحْمَدَ فِيهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنْ يُقَسَّمَ الثُّلُثُ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَصَايَا بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ، وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّهُمْ تَسَاوَوْا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَتُسَاوَوْا فِيهِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يُقَدَّمُ الْعِتْقُ وَيُبْدَأُ بِهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ، قُسِّمَ بَيْنَ سَائِرِ أَهْلِ الْوَصَايَا عَلَى قَدْرِ وَصَايَاهُمْ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ، وَمَسْرُوقٌ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقًّا لِآدَمِيٍّ، فَكَانَ آكَدَ، وَلِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ فَسْخٌ، وَيَلْحَقُ غَيْرَهُ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ أَقْوَى بِدَلِيلِ سِرَايَتِهِ وَنُفُوذِهِ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُفْلِسِ. وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيِّ كَالرِّوَايَتَيْنِ.

[فَصْلٌ الْعَطَايَا الْمُعَلَّقَةُ بِالْمَوْتِ]

(٤٨٠٩) فَصْلٌ: وَالْعَطَايَا الْمُعَلَّقَةُ بِالْمَوْتِ، كَقَوْلِهِ: إذَا مِتّ فَأَعْطُوا فُلَانًا كَذَا. أَوْ أَعْتِقُوا فُلَانًا. وَنَحْوَهُ، وَصَايَا حُكْمُهَا حُكْمُ غَيْرِهَا مِنْ الْوَصَايَا فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ مُقَدَّمِهَا وَمُؤَخَّرِهَا. وَالْخِلَافُ فِي تَقْدِيمِ الْعِتْقِ مِنْهَا، بِخِلَافِ الْعَطَايَا الْمُنَجَّزَةِ، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ مِنْهَا فَالْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْفِعْلِ، وَالْمُؤَخَّرَةُ تَلْزَمُ بِالْمَوْتِ، فَتَتَسَاوَى كُلُّهَا.

[فَصْلٌ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَأَبَى الْوَارِث]

(٤٨١٠) فَصْلٌ: وَإِذَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ، لَزِمَ الْوَارِثَ إعْتَاقُهُ، فَإِنْ أَبَى أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَأُجْبِرَ عَلَيْهِ، كَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ بِالْعَطِيَّةِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْوَارِثُ أَوْ الْحَاكِمُ، فَهُوَ حُرٌّ مِنْ حِينَ أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ عَتَقَ، وَوَلَاؤُهُ لِلْمُوصِي؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ، وَهَؤُلَاءِ نُوَّابٌ عَنْهُ، وَلِهَذَا لَزِمَهُمْ إعْتَاقُهُ كُرْهًا. وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِهِ إلَى غَيْرِ الْوَارِثِ، كَانَ الْإِعْتَاقُ، إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُوصِي فِي إعْتَاقِهِ، فَلَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ غَيْرُهُ إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْهُ، كَالْوَكِيلِ فِي الْحَيَاةِ.

[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى بِفَرَسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ تُنْفَقُ عَلَيْهِ فَمَاتَ الْفَرَسُ]

(٤٨١١) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَمَنْ أَوْصَى بِفَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَلْفِ دِرْهَمٍ تُنْفَقُ عَلَيْهِ، فَمَاتَ الْفَرَسُ، كَانَتْ الْأَلْفُ لِلْوَرَثَةِ وَإِنْ أُنْفِقَ بَعْضُهَا، رُدَّ الْبَاقِي إلَى الْوَرَثَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>