لَهُ، وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمْ، أَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي حَقِّهِمْ، وَيَمِيلُ إلَى تَرْكِ الِاسْتِقْصَاءِ عَلَيْهِمْ فِي الثَّمَنِ، كَتُهْمَتِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَالْحُكْمُ فِيمَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِمُوَكِّلِهِ، كَالْحُكْمِ فِي بَيْعِهِ لِمَالِهِ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى.
[فَصْلٌ وَكَّلَ رَجُلًا يَتَزَوَّجُ لَهُ امْرَأَةً]
(٣٧٦٩) فَصْلٌ: وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلًا يَتَزَوَّجُ لَهُ امْرَأَةً، فَهَلْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ؟ وَيُخَرَّجَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ، هَلْ يَبِيعُ لِوَلَدِهِ؟ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَجُوزُ. وَوَجْهُ الْقَوْلَيْنِ مَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَإِنْ أَذِنَتْ لَهُ وَلِيَّتُهُ فِي تَزْوِيجِهَا، خُرِّجَ فِي تَزْوِيجِهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِوَلَدِهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْبَيْعِ.
وَكَذَلِكَ إنْ وَكَّلَهُ رَجُلٌ فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ، خُرِّجَ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَوَكَّلَهُ آخَرُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ]
(٣٧٧٠) فَصْلٌ: وَإِنْ وَكَّلَهُ رَجُلٌ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَوَكَّلَهُ آخَرُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أُذِنَ لَهُ فِي طَرَفَيْ الْعَقْدِ، فَجَازَ لَهُ أَنْ يَلِيَهُمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ، كَالْأَبِ يَشْتَرِي مِنْ مَالِ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ. وَلَوْ وَكَّلَهُ الْمُتَدَاعِيَانِ فِي الدَّعْوَى عَنْهُمَا، فَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ تُمْكِنُهُ الدَّعْوَى عَنْ أَحَدِهِمَا، وَالْجَوَابُ عَنْ الْآخَرِ، وَإِقَامَةُ حُجَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ.
[فَصْلٌ أَذِنَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ]
(٣٧٧١) فَصْلٌ: وَإِذَا أَذِنَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ، جَازَ لَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ لَهُ فِي عَقْدِهِ غَرَضَانِ، الِاسْتِرْخَاصُ لِنَفْسِهِ، وَالِاسْتِقْصَاءُ لِلْمُوَكِّلِ، وَهُمَا مُتَضَادَّانِ، فَتُمَانِعَا.
وَلَنَا، أَنَّهُ وَكَّلَ فِي التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ، فَجَازَ، كَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمَرْأَةَ فِي طَلَاقِ نَفْسِهَا، وَلِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ هِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ فِي مَحَلٍّ لِاتِّفَاقِ التُّهْمَةِ، لِدَلَالَتِهَا عَلَى عَدَمِ رِضَى الْمُوَكِّلِ بِهَذَا التَّصَرُّفِ، وَإِخْرَاجِ هَذَا التَّصَرُّفِ عَنْ عُمُومِ لَفْظِهِ وَإِذْنِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ هَاهُنَا بِالْإِذْنِ فِيهَا، فَلَا تَبْقَى دَلَالَةُ الْحَالِ مَعَ نَصِّهِ بِلَفْظِهِ عَلَى خِلَافِهِ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ يَتَضَادَّ مَقْصُودُهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. قُلْنَا: إنْ عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ لَهُ الثَّمَنَ، فَاشْتَرَى بِهِ، فَقَدْ زَالَ مَقْصُودُ الِاسْتِقْصَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يُرَادُ أَكْثَرُ مِمَّا قَدْ حَصَّلَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الثَّمَنَ، تَقَيَّدَ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، كَمَا لَوْ بَاعَ الْأَجْنَبِيُّ. وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا فِيمَا إذَا وَكَّلَ عَبْدًا يَشْتَرِي لَهُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ وَجْهًا، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَيَخْرُجُ هَاهُنَا مِثْلُهُ. وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[فَصْلٌ وَكَّلَ عَبْدًا يَشْتَرِي نَفْسَهُ مِنْ سَيِّده أَوْ يَشْتَرِي مِنْهُ عَبْدًا آخَر فَفَعَلَ]
(٣٧٧٢) فَصْلٌ: إذَا وَكَّلَ عَبْدًا يَشْتَرِي نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ، أَوْ يَشْتَرِي مِنْهُ عَبْدًا آخَرَ، فَفَعَلَ، صَحَّ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ