[فَصْلٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَا أَنَّ الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ]
(٤١٤٣) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا نِصْفَيْنِ، وَشَرَطَا أَنَّ الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا، سَوَاءٌ قُلْنَا بِصِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ أَوْ فَسَادِهَا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً، فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ بَذْرِهِ، لَكِنْ إنْ حَكَمْنَا بِصِحَّتِهَا، لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءِ. وَإِنْ قُلْنَا: مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا إخْرَاجُ رَبِّ الْمَالِ الْبَذْرَ. فَهِيَ فَاسِدَةٌ، فَعَلَى الْعَامِلِ نِصْفُ أَجْرِ الْأَرْضِ، وَلَهُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ نِصْفُ أَجْرِ عَمَلِهِ، فَيَتَقَاصَّانِ بِقَدْرِ الْأَقَلِّ مِنْهُمَا، وَيَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْفَضْلِ
وَإِنْ شَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي الزَّرْعِ، وَقُلْنَا بِصِحَّتِهَا، فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ قُلْنَا بِفَسَادِهَا، فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ بَذْرِهِمَا، وَيَتَرَاجَعَانِ، كَمَا ذَكَرْنَا. وَكَذَلِكَ إنْ تَفَاضَلَا فِي الْبَذْرِ، وَشَرَطَا التَّسَاوِيَ فِي الزَّرْعِ، أَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ بَذْرِهِ أَوْ أَقَلَّ.
[فَصْلٌ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَجَرْتُك نِصْفَ أَرْضِي هَذِهِ بِنِصْفِ بَذْرِك وَنِصْفِ مَنْفَعَتِك]
فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: أَجَّرْتُك نِصْفَ أَرْضِي هَذِهِ بِنِصْفِ بَذْرِك وَنِصْفِ مَنْفَعَتِك وَمَنْفَعَةِ بَقَرِك، وَآلَتِك. وَأَخْرَجَ الْمُزَارِعُ الْبَذْرَ كُلَّهُ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَهَا أُجْرَةً لِأَرْضٍ أُخْرَى، أَوْ دَارٍ، لَمْ يَجُزْ، وَيَكُونُ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْمُزَارِعِ، وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ. وَإِنْ أَمْكَنَ عِلْمُ الْمَنْفَعَةِ وَضَبْطُهَا بِمَا لَا تَخْتَلِفُ مَعَهُ، وَمَعْرِفَةُ الْبَذْرِ، جَازَ، وَكَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ عِوَضٌ، فَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ مَبِيعًا، وَمَا حَصَلَ فِيهِ قَبْضٌ. وَإِنْ قَالَ: أَجَرْتُك نِصْفَ أَرْضِي، بِنِصْفِ مَنْفَعَتِك، وَمَنْفَعَةِ بَقَرِك، وَآلَتِك، وَأَخْرَجَا الْبَذْرَ، فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، إلَّا أَنَّ الزَّرْعَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ.
[مَسْأَلَة اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْأَرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ وَيَقْتَسِمَا مَا بَقِيَ]
(٤١٤٥) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْأَرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ، وَيَقْتَسِمَا مَا بَقِيَ، لَمْ يَجُزْ) وَكَانَتْ لِلْمُزَارِعِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ إنْ أَخْرَجَ الْمُزَارِعُ الْبَذْرَ، وَيَصِيرُ الزَّرْعُ لِلْمَزَارِعِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ. أَمَّا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْأَرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ قُفْزَانًا مَعْلُومَةً، وَذَلِكَ شَرْطٌ فَاسِدٌ، تَفْسُدُ بِهِ الْمُزَارَعَةُ، لِأَنَّ الْأَرْضَ رُبَّمَا لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا تِلْكَ الْقُفْزَانُ، فَيَخْتَصُّ رَبُّ الْمَالِ بِهَا، وَرُبَّمَا لَا تُخْرِجُهَا الْأَرْضُ
وَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ الْمُزَارِعُ الْبَذْرَ، فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute