للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْلَامِ، وَقَدْ يُسْلِمُ الْكَافِرُ، فَيُقَرُّ. وَإِنْ كَانَتَا مُؤَرِّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ، نَظَرْت فِي شَهَادَتِهِمَا، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى اللَّفْظِ، فَهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى اللَّفْظِ، وَلَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ، فَهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ.

وَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ، قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ لَهُ عَنْ أَصْلِ دِينِهِ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ، فَقَالَ الْخِرَقِيِّ تَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ، وَيَكُونَانِ كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا رِوَايَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ، حَلَفَ وَأَخَذَ. الثَّانِيَةُ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا. وَنَحْوَ هَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ. وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ، فِيمَا إذَا قَالَ شَاهِدَانِ: نَعْرِفُهُ كَانَ مُسْلِمًا وَقَالَ شَاهِدَانِ: نَعْرِفُهُ كَانَ كَافِرًا. مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِهِ، أَوْ عُلِمَ أَنَّ أَصْلَ، دِينِهِ الْكُفْرُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مُسْلِمًا فِي الْأَصْلِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْإِسْلَامِ يَجُوزُ أَنْ تَسْتَنِدَ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ.

[فَصْل خَلَّفَ ابْنًا مُسْلِمًا وَأَخًا كَافِرًا فَاخْتَلَفَا فِي دِينِهِ حَالَ الْمَوْتِ]

(٨٥٤٧) فَصْلٌ وَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا مُسْلِمًا وَأَخًا كَافِرًا، فَاخْتَلَفَا فِي دِينِهِ حَالَ الْمَوْتِ، فَالْحُكْمُ فِيهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَهَكَذَا سَائِرُ الْأَقَارِبِ، إلَّا أَنْ يُخَلِّفَ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْأَقَارِبِ، وَيَخْتَلِفُونَ فِي دِينِهِ، فَإِنَّ كَوْنَ الْأَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ بِمَنْزِلَةِ مَعْرِفَةِ أَصْلِ دِينِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ قَبْلَ بُلُوغِهِ مَحْكُومٌ لَهُ بِدِينِ أَبَوَيْهِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا، وَإِنَّ الِابْنَيْنِ يَدَّعِيَانِ إسْلَامَهُ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأَبَوَيْنِ. وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا فِي إسْلَامِهِ لِأَنَّ كُفْرَهُ يَنْبَنِي أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ، أَوْ أَنَّ أَبَوَيْهِ كَانَا كَافِرَيْنِ، فَأَسْلَمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَالْأَصْلُ. خِلَافُهُ.

[فَصْل كَانَتْ الزَّوْجَةُ كَافِرَةً ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَادَّعَتْ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَأَنْكَرَهَا الْوَرَثَةُ]

(٨٥٤٨) فَصْلٌ: وَلَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ، وَخَلَّفَ زَوْجَةً وَوَرَثَةً سِوَاهَا، وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ كَافِرَةً، ثُمَّ أَسْلَمَتْ فَادَّعَتْ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَأَنْكَرَهَا الْوَرَثَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهَا كَافِرَةٌ، فَادَّعَى عَلَيْهَا الْوَرَثَةُ أَنَّهَا كَانَتْ كَافِرَةً، فَأَنْكَرَتْهُمْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعُوهُ عَلَيْهِ وَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، فَأَنْكَرَتْهُمْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا. وَإِنْ اعْتَرَفَتْ بِالطَّلَاقِ، وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ. وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، فِي أَنَّهَا لَمْ تَنْقَضِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا كُلِّهِ خِلَافًا وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَبُو ثَوْرٍ.

وَلَوْ خَلَّفَ وَلَدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، اتَّفَقَا عَلَى أَنْ أَحَدَهُمَا كَانَ مُسْلِمًا حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَجَحَدَهُ أَخُوهُ، فَالْمِيرَاثُ لِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكُفْرِ إلَى أَنْ يُعْلَمَ زَوَالُهُ، وَعَلَى أَخِيهِ الْيَمِينُ، وَتَكُونُ عَلَى نَفْيٍ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى نَفْيٍ فِعْلِ. أَخِيهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَإِنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ، قُسِمَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ رَقِيقًا، ثُمَّ عَتَقَ، وَاخْتَلَفَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>