للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ.

وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ حَالَ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ، وَعَطَاءً، كَرِهَا ذَلِكَ. وَيُكْرَهُ الْإِكْثَارُ مِنْ الْكَلَامِ حَالَ الْجِمَاعِ؛ لِمَا رَوَى قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ عِنْدَ مُجَامَعَةِ النِّسَاءِ؛ فَإِنَّ مِنْهُ يَكُونُ الْخَرَسُ وَالْفَأْفَاءُ» . وَلِأَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَلَامُ حَالَةَ الْبَوْلِ، وَحَالُ الْجِمَاعِ فِي مَعْنَاهُ، وَأَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَاعِبَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الْجِمَاعِ؛ لِتَنْهَضَ شَهْوَتُهَا، فَتَنَالَ مِنْ لَذَّةِ الْجِمَاعِ مِثْلَ مَا نَالَهُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُوَاقِعْهَا إلَّا وَقَدْ أَتَاهَا مِنْ الشَّهْوَةِ مِثْلُ مَا أَتَاك، لِكَيْ لَا تَسْبِقَهَا بِالْفَرَاغِ. قُلْت: وَذَلِكَ إلَيَّ؟ قَالَ: نَعَمْ، إنَّك تُقَبِّلُهَا، وَتَغْمِزُهَا، وَتَلْمِزُهَا، فَإِذَا رَأَيْت أَنَّهُ قَدْ جَاءَهَا مِثْلُ مَا جَاءَك، وَاقَعْتَهَا» . فَإِنْ فَرَغَ قَبْلَهَا، كُرِهَ لَهُ النَّزْعُ حَتَّى تَفْرُغَ؛ لِمَا رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ فَلْيَصْدُقْهَا، ثُمَّ إذَا قَضَى حَاجَتَهُ، فَلَا يُعَجِّلْهَا حَتَّى تَقْضِيَ حَاجَتَهَا» . وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهَا، وَمَنْعًا لَهَا مِنْ قَضَاءِ شَهْوَتِهَا.

وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَّخِذَ خِرْقَةً، تُنَاوِلُهَا الزَّوْجَ بَعْدَ فَرَاغِهِ، فَيَتَمَسَّحُ بِهَا؛ فَإِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ عَاقِلَةً، أَنْ تَتَّخِذَ خِرْقَةً، فَإِذَا جَامَعَهَا زَوْجُهَا، نَاوَلَتْهُ، فَمَسَحَ عَنْهُ، ثُمَّ تَمْسَحُ عَنْهَا، فَيُصَلِّيَانِ فِي ثَوْبِهِمَا ذَلِكَ، مَا لَمْ تُصِبْهُ جَنَابَةٌ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْن نِسَائِهِ وَإِمَائِهِ بِغُسْلِ وَاحِدٍ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «سَكَبْت لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نِسَائِهِ غُسْلًا وَاحِدًا، فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ» . فَإِنَّ حَدَثَ الْجَنَابَةِ لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ؛ بِدَلِيلِ إتْمَامِ الْجِمَاعِ.

قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ، فَأَعْجَبُ إلَيَّ الْوُضُوءُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ. وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ يَزِيدُهُ نَشَاطًا وَنَظَافَةً، فَاسْتُحِبَّ. وَإِنْ اغْتَسَلَ بَيْنَ كُلِّ وَطْأَيْنِ، فَهُوَ أَفْضَلُ، فَإِنَّ أَبَا رَافِعٍ رَوَى، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ عَلَى نِسَائِهِ جَمِيعًا، فَاغْتَسَلَ عِنْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُسْلًا، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ جَعَلْتَهُ غُسْلًا وَاحِدًا؟ قَالَ: هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، فِي " الْمُسْنَدِ " وَرَوَى أَحَادِيثَ هَذَا الْفَصْلِ كُلِّهَا أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ، وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ.»

[فَصْلٌ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَع بَيْن امْرَأَتَيْهِ فِي مَسَّكُنَّ وَاحِد بِغَيْرِ رِضَاهُمَا]

(٥٧٠٤) فَصْلٌ: وَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْن امْرَأَتَيْهِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا ضَرَرًا؛ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ وَالْغَيْرَةِ، وَاجْتِمَاعُهُمَا يُثِيرُ الْمُخَاصَمَةَ وَالْمُقَاتَلَةَ، وَتَسْمَعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حِسَّهُ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>