عَنْ الصِّغَارِ. قُلْنَا: هَذَا يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي إخْرَاجِ الْأُنْثَى، فَلَا فَرْقَ، وَمِنْ جَوَّزَ إخْرَاجَ الذَّكَرِ فِي الْكُلِّ، قَالَ: يَأْخُذُ ابْنَ لَبُونٍ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، قِيمَتُهُ دُونَ قِيمَةِ ابْنِ لَبُونٍ يَأْخُذُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيمَةِ كَمَا بَيْنَهُمَا فِي الْعَدَدِ، وَيَكُونُ الْفَرْضُ بِصِفَةِ الْمَالِ، وَإِذَا اعْتَبَرْنَا الْقِيمَةَ لَمْ يُؤَدِّ إلَى التَّسْوِيَةِ، كَمَا قُلْنَا فِي الْغَنَمِ.
[فَصْلُ إخْرَاج الْمَعِيبَة عَنْ الصِّحَاح فِي صَدَقَة الشياه]
(١٧١٧) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْمَعِيبَةِ عَنْ الصِّحَاحِ، وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا؛ لِلنَّهْيِ عَنْ أَخْذِهَا، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْفُقَرَاءِ، وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ رَدَّهَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا وَإِنْ كَانَ فِي النِّصَابِ صِحَاحٌ وَمِرَاضٌ، أَخْرَجَ صَحِيحَةً، قِيمَتُهَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ، فَإِنْ كَانَ النِّصَابُ كُلُّهُ مِرَاضًا إلَّا مِقْدَارَ الْفَرْضِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إخْرَاجِهِ، وَبَيْنَ شِرَاءِ مَرِيضَةٍ قَلِيلَةِ الْقِيمَةِ فَيُخْرِجُهَا، وَلَوْ كَانَتْ الصَّحِيحَةُ غَيْرَ الْفَرِيضَةِ بِعَدَدِ الْفَرِيضَةِ، مِثْلُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ ابْنَتَا لَبُونٍ، وَعِنْدَهُ حِوَارَانِ صَحِيحَانِ، كَانَ عَلَيْهِ شِرَاءُ صَحِيحَتَيْنِ، فَيُخْرِجُهُمَا.
وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِقَّتَانِ وَعِنْدَهُ ابْنَتَا لَبُونٍ صَحِيحَتَانِ، خُيِّرَ بَيْنَ إخْرَاجِهِمَا مَعَ الْجُبْرَانِ، وَبَيْنَ شِرَاءِ حِقَّتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالِ. وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ جَذَعَتَانِ صَحِيحَتَانِ، فَلَهُ إخْرَاجُهُمَا مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ حِقَّتَانِ وَنِصْفُ مَالِهِ صَحِيحٌ وَنِصْفُهُ مَرِيضٌ فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَهُ إخْرَاجُ حِقَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَحِقَّةٍ مَرِيضَةٍ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ إحْدَى الْحِقَّتَيْنِ مَرِيضٌ كُلُّهُ.
وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافُ هَذَا؛ لِأَنَّ فِي مَالِهِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا، فَلَمْ يَمْلِكْ إخْرَاجَ مَرِيضَةٍ، كَمَا لَوْ كَانَ نِصَابًا وَاحِدًا، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ النِّصْفُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْحِقَّةُ فِي الْمِرَاضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِشَرِيكَيْنِ، لَمْ يَتَعَيَّنْ حَقُّ أَحَدِهِمَا فِي الْمِرَاضِ دُونَ الْآخَرِ. وَإِنْ كَانَ النِّصَابُ مِرَاضًا كُلُّهُ، فَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ جَوَازُ إخْرَاجِ الْفَرْضِ مِنْهُ، وَيَكُونُ وَسَطًا فِي الْقِيمَةِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقِلَّةِ الْعَيْبِ وَكَثْرَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَأْتِي عَلَى ذَلِكَ.
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَتْ كُلُّهَا جَرْبَاءَ أَخْرَجَ جَرْبَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا هَتْمَاءَ كُلِّفَ شِرَاءَ صَحِيحَةٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا تُجْزِئُ إلَّا صَحِيحَةٌ لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: لَا يُؤْخَذُ إلَّا مَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ، وَلِلنَّهْيِ عَنْ أَخْذِ ذَاتِ الْعَوَارِ، فَعَلَى هَذَا يُكَلَّفُ شِرَاءَ صَحِيحَةٍ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمَرِيضَةِ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» وَقَالَ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِأَنَّ مَبْنَى الزَّكَاةِ عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَتَكْلِيفُ الصَّحِيحَةِ عَنْ الْمِرَاضِ إخْلَالٌ بِالْمُوَاسَاةِ، وَلِهَذَا يَأْخُذُ مِنْ الرَّدِيءِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ مِنْ جِنْسِهِ، وَيَأْخُذُ مِنْ اللِّئَامِ وَالْهُزَالِ مِنْ الْمَوَاشِي مِنْ جِنْسِهِ، كَذَا هَاهُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute