للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجْرُ» . وَلِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ إذَا لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ، فَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ بِحَالٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ أُمُّهُ فِرَاشًا، أَوْ كَمَا لَوْ لَمْ يُجْلَدْ الْحَدَّ عِنْدَ مَنْ اعْتَبَرَهُ.

[مَسْأَلَةٌ الْعَبْدُ لَا يَرِثُ وَلَا مَالَ لَهُ]

(٤٩٢٣) مَسْأَلَةٌ قَالَ: (وَالْعَبْدُ لَا يَرِثُ، وَلَا مَالَ لَهُ، فَيُورَثُ عَنْهُ) لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرِثُ، إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ أَبًا مَمْلُوكًا، يُشْتَرَى مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ يُعْتَقُ، فَيَرِثُ. وَقَالَهُ الْحَسَنُ، وَحُكِيَ عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ الْعَبْدَ يَرِثُ، وَيَكُونُ مَا وَرِثَهُ لِسَيِّدِهِ، كَكَسْبِهِ، وَكَمَا لَوْ وَصَّى لَهُ، وَلِأَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ، فَيَرِثُ كَالْحَمْلِ

وَلَنَا، أَنَّ فِيهِ نَقْصًا مَنَعَ كَوْنَهُ مَوْرُوثًا، فَمَنَعَ كَوْنَهُ وَارِثًا، كَالْمُرْتَدِّ، وَيُفَارِقُ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِمَوْلَاهُ وَلَا مِيرَاثَ لَهُ، وَقِيَاسُهُمْ يَنْتَقِضُ بِمُخْتَلِفَيْ الدِّينِ. وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ رَقِيقٌ حِينَ مَوْتِ ابْنِهِ، فَلَمْ يَرِثْهُ، كَسَائِرِ الْأَقَارِبِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ صَارَ لِأَهْلِهِ بِالْمَوْتِ، فَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يُورَثُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَيُورَثُ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ. فَمِلْكُهُ نَاقِصٌ غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ، يَزُولُ إلَى سَيِّدِهِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ رَقَبَتِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ»

وَلِأَنَّ السَّيِّدَ أَحَقُّ بِمَنَافِعِهِ وَأَكْسَابِهِ فِي حَيَاتِهِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَمَاتِهِ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ، وَلَا يَحْجُبُ: عَلِيٌّ، وَزَيْدٌ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

[فَصْلٌ يَرِثُ الْأَسِيرُ الَّذِي مَعَ الْكُفَّارِ إذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ]

(٤٩٢٤) فَصْلٌ: وَيَرِثُ الْأَسِيرُ الَّذِي مَعَ الْكُفَّارِ إذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ. فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، إلَّا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَمْلِكُونَ الْأَحْرَارَ بِالْقَهْرِ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُرِّيَّتِهِ، فَيَرِثُ، كَالْمُطْلَقِ.

[فَصْلٌ مِيرَاث الْمُدَبَّر وَأُمّ الْوَلَد]

(٤٩٢٥) فَصْلٌ: وَالْمُدَبَّرُ، وَأَمُّ الْوَلَدِ، كَالْقِنِّ؛ لِأَنَّهُمْ رَقِيقٌ، بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ مُدَبَّرًا. وَأُمُّ الْوَلَدِ مَمْلُوكَةٌ، يَجُوزُ لَسَيِّدِهَا وَطْؤُهَا، بِحُكْمِ الْمِلْكِ، وَتَزْوِيجُهَا وَإِجَارَتُهَا. وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمَةِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهَا، إلَّا فِيمَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ فِيهَا أَوْ يُرَادُ لَهُ كَالرَّهْنِ.

[فَصْلٌ الْمَكَاتِب إنْ لَمْ يَمْلِكْ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ فَهُوَ عَبْدٌ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ]

(٤٩٢٦) فَصْلٌ: فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ، فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ فَهُوَ عَبْدٌ، لَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ، وَإِنْ مَلَكَ قَدْرَ مَا يُؤَدِّي، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>