للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الثَّانِي الْغَنِيمَة مَخْمُوسَةٌ]

(٥٠٧٧) الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْغَنِيمَةَ مَخْمُوسَةٌ، وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِحَمْدِ اللَّهِ. وَقَدْ نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي أَشْيَاءَ؛ مِنْهَا سَلَبُ الْقَاتِلِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ؛ فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كُنَّا لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» . يَقْتَضِي أَنَّهُ لَهُ كُلُّهُ، وَلَوْ خُمِّسَ لَمْ يَكُنْ جَمِيعُهُ لَهُ. وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ «، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَلَهُ سَلَبَ رَجُلٍ قَتَلَهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَلَمْ يُخَمِّسْ» رَوَاهُ سَعِيدٌ، فِي " سُنَنِهِ ".

وَمِنْهَا، إذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ جَاءَ بِعَشْرَةِ رُءُوسٍ فَلَهُ رَأْسٌ، وَمَنْ طَلَعَ الْحِصْنَ فَلَهُ كَذَا مِنْ النَّفْلِ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مَخْمُوسٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّلَبِ. وَمِنْهَا، إذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ. وَقُلْنَا: يَجُوزُ ذَلِكَ. فَقَدْ قِيلَ: لَا خُمُسَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخُمُسَ لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْآيَةِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى السَّلَبِ وَالنَّفَلِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ تَخْمِيسِهِمَا لَا يُسْقِطُ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَهَذَا يُسْقِطُهُ، فَلَا يَكُونُ تَخْصِيصًا بَلْ نَسْخًا لِحُكْمِهَا، وَنَسْخُهَا بِالْقِيَاسِ غَيْرُ جَائِزٍ اتِّفَاقًا.

وَمِنْهَا؛ إذَا دَخَلَ قَوْمٌ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، فَقَدْ قِيلَ: إنَّ مَا غَنِمُوهُ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمَّسَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ، وَيُدْفَعُ إلَيْهِمْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ؛ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْآيَةِ، وَعَدَمِ دَلِيلٍ يُوجِبُ تَخْصِيصَهُ.

[الْفَصْلُ الثَّالِث الْخُمْس مِمَّا يَجِبُ خُمْسُهُ مِنْ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَة شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي مَصْرِفِهِمَا وَحُكْمِهِمَا]

(٥٠٧٨) الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْخُمُسَ مِمَّا يَجِبُ خُمْسُهُ مِنْ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فِي مَصْرِفِهِمَا، وَحُكْمِهِمَا، وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهِمَا، فَإِنَّ الْقَائِلَ بِوُجُوبِ الْخُمُسِ فِي الْفَيْءِ غَيْرَ مَنْ قَالَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ وَافَقَ عَلَى هَذَا، فَإِنَّهُ قَالَ: فِي الْفَيْءُ وَالْغَنِيمَةُ يَجْتَمِعَانِ فِي أَنَّ فِيهِمَا الْخُمُسَ لِمَنْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَعْنِي فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ، فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] . وَفِي سُورَةِ الْحَشْرِ، فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: ٧] الْآيَةَ، وَالْمُسَمَّوْنَ فِي الْآيَتَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ.

[الْفَصْلُ الرَّابِع خُمُسِ الْغَنِيمَة يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ]

(٥٠٧٩) الْفَصْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْخُمُسَ يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>