وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ قُتِلَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا.» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. وَرَوَى الشَّعْبِيُّ، أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ قَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: أَلَا إنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ.: فَقَوَّمَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاةِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتِي حُلَّةٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ عَمْدِ الْخَطَأِ، قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا، مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ» وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ بَيْنَ دِيَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، فَغَلَّظَ بَعْضَهَا، وَخَفَّفَ بَعْضَهَا، وَلَا يَتَحَقَّقُ هَذَا فِي غَيْرِ الْإِبِلِ، وَلِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفٍ حَقًّا لِآدَمِيٍّ، فَكَانَ مُتَعَيِّنًا كَعِوَضِ الْأَمْوَالِ. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ يَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ الْوَرِقَ بَدَلًا عَنْ الْإِبِلِ، وَالْخِلَافُ فِي كَوْنِهَا أَصْلًا. وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْإِبِلُ، فَإِنَّ إيجَابَهُ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّقْوِيمِ، لِغَلَاءِ الْإِبِلِ، وَلَوْ كَانَتْ أُصُولًا بِنَفْسِهَا، لَمْ يَكُنْ إيجَابُهَا تَقْوِيمًا لِلْإِبِلِ، وَلَا كَانَ لِغَلَاءِ الْإِبِلِ أَثَرٌ فِي ذَلِكَ، وَلَا لِذِكْرِهِ مَعْنًى.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُقَوِّمُ الْإِبِلَ قَبْلَ أَنْ تَغْلُوَ بِثَمَانِيَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: إنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَدِيَتُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ حِينَ كَانَتْ الدِّيَةُ ثَمَانِيَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. (٦٧٧٥) فَصْلٌ: فَإِذَا قُلْنَا هِيَ خَمْسَةُ أُصُولٍ، فَإِنَّ قَدْرَهَا مِنْ الذَّهَبِ أَلْفُ مِثْقَالٍ، وَمِنْ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَمِنْ الْبَقَرِ وَالْحُلَلِ مِائَتَانِ، وَمِنْ الشَّاءِ أَلْفَانِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْقَائِلُونَ بِهَذِهِ الْأُصُولِ فِي قَدْرِهَا مِنْ الذَّهَبِ، وَلَا مِنْ سَائِرِهَا، إلَّا الْوَرِقِ، فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ وَأَبَا حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ قَالُوا: قَدْرُهَا عَشَرَةُ آلَافٍ مِنْ الْوَرِقِ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ؛ لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ، أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ عَشَرَةَ آلَافٍ. وَلِأَنَّ الدِّينَارَ مَعْدُولٌ فِي الشَّرْعِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، بِدَلِيلِ أَنَّ نِصَابَ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا، وَنِصَابَ الْفِضَّةِ مِائَتَانِ.
وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ الْحَسَنُ، وَعُرْوَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ وَابْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute