نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ الصُّبْرَةَ مَعْلُومَةٌ بِالْمُشَاهَدَةِ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا بِهَا، فَجَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ عَلِمَ كَيْلَهَا. الثَّانِيَةُ، قَالَ: اسْتَأْجَرْتُك لِتَحْمِلهَا لِي كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمِ. فَيَصِحُّ أَيْضًا. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ فِي قَفِيزٍ، وَيَبْطُلُ فِيمَا زَادَ. وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ. الثَّالِثَةُ، قَالَ: لِتَحْمِلْهَا لِي قَفِيزًا بِدِرْهَمٍ، وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ. فَيَجُوزُ، كَمَا لَوْ قَالَ: كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ. وَكَذَلِكَ كُلُّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ حَمْلِ جَمِيعِهَا، كَقَوْلِهِ: لِتَحْمِلْ مِنْهَا قَفِيزًا بِدِرْهَمٍ، وَسَائِرَهَا أَوْ بَاقِيَهَا بِحِسَابِ ذَلِكَ. أَوْ قَالَ: وَمَا زَادَ بِحِسَابِ ذَلِكَ. يُرِيدُ بِهِ بَاقِيَهَا كُلَّهُ، إذَا فَهِمَا ذَلِكَ مِنْ اللَّفْظِ، لِدَلَالَتِهِ عِنْدَهُمَا عَلَيْهِ، أَوْ لِقَرِينَةٍ صَرَفَتْ إلَيْهِ
الرَّابِعَةُ، قَالَ: لِتَحْمِلْ مِنْهَا قَفِيزًا بِدِرْهَمٍ، وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ. يُرِيدُ مَهْمَا حَمَلْت مِنْ بَاقِيهَا. فَلَا يَصِحُّ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بَعْضُهَا، وَهُوَ مَجْهُولٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى كُلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ. الْخَامِسَةُ، قَالَ: لِتَنْقُلْ لِي مِنْهَا كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ. فَهِيَ كَالرَّابِعَةِ سَوَاءً
السَّادِسَةُ، قَالَ: لِتَحْمِلْ مِنْهَا قَفِيزًا بِدِرْهَمٍ، عَلَى أَنْ تَحْمِلَ الْبَاقِيَ بِحِسَابِ ذَلِكَ. فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لِتَحْمِلْ لِي كُلَّ قَفِيزٍ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ. السَّابِعَةُ قَالَ: لِتَحْمِلْ لِي هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، وَتَنْقُلَ لِي صُبْرَةً أُخْرَى فِي الْبَيْتِ بِحِسَابِ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَا يَعْلَمَانِ الصُّبْرَةَ الَّتِي فِي الْبَيْتِ بِالْمُشَاهَدَةِ، صَحَّ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَالصُّبْرَةِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا، صَحَّ فِي الْأُولَى وَبَطَلَ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى مَعْلُومٍ، وَالثَّانِي عَلَى مَجْهُولٍ، فَصَحَّ فِي الْمَعْلُومِ، وَبَطَلَ فِي الْمَجْهُولِ. كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِعَشَرَةٍ، وَعَبْدِي الَّذِي فِي الْبَيْتِ بِعَشَرَةٍ
الثَّامِنَةُ، قَالَ: لِتَحْمِلْ لِي هَذِهِ الصُّبْرَةَ وَاَلَّتِي فِي الْبَيْتِ بِعَشَرَةٍ. فَإِنْ كَانَا يَعْلَمَانِ الَّتِي فِي الْبَيْتِ، صَحَّ فِيهِمَا، وَإِنْ جَهِلَاهَا، بَطَلَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ، بِعِوَضٍ وَاحِدٍ، عَلَى مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا. فَإِنْ كَانَا يَعْلَمَانِ الَّتِي فِي الْبَيْتِ، لَكِنَّهَا مَغْصُوبَةٌ، أَوْ امْتَنَعَ تَصْحِيحُ الْعَقْدِ فِيهَا لِمَانِعٍ اخْتَصَّ بِهَا، بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهَا. وَفِي صِحَّتِهِ فِي الْأُخْرَى وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى تَفْرِيق الصَّفْقَةِ، إلَّا أَنَّهُمَا إنْ كَانَتْ قُفْزَانُهُمَا مَعْلُومَةً، أَوْ قَدْرُ أَحَدِهِمَا مَعْلُومًا مِنْ الْأُخْرَى، فَالْأَوْلَى صِحَّتُهُ؛ لِأَنَّ قِسْطَ الْأَجْرِ فِيهَا مَعْلُومٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَالْأَوْلَى بُطْلَانُهُ؛ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ فِيهَا
التَّاسِعَةُ، قَالَ: لِتَحْمِلْ لِي هَذِهِ الصُّبْرَةَ، وَهِيَ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ، بِدِرْهَمٍ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ، فَالزَّائِدُ بِحِسَابِ ذَلِكَ. صَحَّ فِي الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا مَشْكُوكٌ فِيهَا، وَلَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى مَا يُشَكُّ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute