للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الرَّمْلِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ: «يَرِثُ وَيُورَثُ عَلَى قَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ» . وَلِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ لِكُلِّ بَعْضٍ حُكْمُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ الْأُخَرُ مِثْلَهُ، وَقِيَاسًا لَأَحَدِهِمَا عَلَى الْأُخَرِ

إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَالتَّفْرِيعُ عَلَى قَوْلِنَا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى غَيْرِهِ وَاضِحٌ. وَكَيْفِيَّةُ تَوْرِيثِهِ أَنْ يُعْطَى مَنْ لَهُ فَرْضٌ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ مِنْ فَرْضِهِ، وَإِنْ كَانَ عَصَبَةً نُظِرَ مَا لَهُ مَعَ الْحُرِّيَّةِ الْكَامِلَةِ، فَأُعْطِيَ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَا عَصَبَتَيْنِ لَا يَحْجُبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، كَابْنَيْنِ نِصْفُهُمَا حُرٌّ، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، تُكَمَّلُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا، بِأَنْ تُضَمَّ الْحُرِّيَّةُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى مَا فِي الْآخَرِ مِنْهَا، فَإِنْ كَمَّلَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَرِثَا جَمِيعًا مِيرَاثَ ابْنٍ حُرٍّ؛ لِأَنَّ نِصْفَيْ شَيْءٍ شَيْءٌ كَامِلٌ، ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا وَرِثَاهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.

فَإِذَا كَانَ ثُلُثَا أَحَدِهِمَا حُرًّا، وَثُلُثُ الْآخِرِ حُرًّا كَانَ مَا وَرِثَاهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ نَقَصَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ عَنْ حُرٍّ كَامِلٍ، وَرِثَا بِقَدْرِ مَا فِيهِمَا، وَإِنْ زَادَ عَلَى حُرٍّ وَاحِدٍ، وَكَانَ الْجُزْءَانِ فِيهِمَا سَوَاءً، قُسِمَ مَا يَرِثَانِهِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا أُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ مَا فِيهِ. قَالَ الْخَبْرِيُّ: قَالَ الْأَكْثَرُونَ: هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ، لَا تُكَمَّلُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا، لِأَنَّهُمَا لَوْ كُمِّلَتْ لَمْ يَظْهَرْ لِلرِّقِّ أَثَرٌ، وَكَانَا فِي مِيرَاثِهِمَا كَالْحُرَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَحْجُبُ الْآخَرَ، فَقَدْ قِيلَ فِيهِمَا وَجْهَانِ أَيْضًا. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تُكَمَّلُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُكَمَّلُ بِمَا يُسْقِطُهُ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُنَافِيهِ

وَوَرَّثَهُ بَعْضُهُمْ بِالْخِطَابِ، وَتَنْزِيلِ الْأَحْوَالِ، وَحَجَبَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ عَلَى مِثَالِ تَنْزِيلِ الْخَنَاثَى.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بِمَعْنَاهُ. وَمَسَائِلُ ذَلِكَ؛ ابْنٌ نِصْفُهُ حُرٌّ لَهُ نِصْفُ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ ابْنٌ آخَرُ نِصْفُهُ حُرٌّ فَلَهُمَا الْمَالُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْأُخَرِ، لَهُمَا نِصْفُهُ، وَالْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ، أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ تَكُنْ عَصَبَةٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا حُرَّيْنِ، لَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ

وَلَوْ كَانَا رَقِيقَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ الْأَكْبَرُ وَحْدَهُ حُرًّا كَانَ لَهُ الْمَالُ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَصْغَرِ، وَلَوْ كَانَ الْأَصْغَرُ وَحْدَهُ حُرًّا كَانَ لَهُ كَذَلِكَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ مَالٌ وَنِصْفٌ، فَلَهُ رُبُعُ ذَلِكَ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنٌ آخَرُ ثُلُثُهُ حُرٌّ، فَعَلَى الْوَجْهِ، الْأَوَّلِ، يَنْقَسِمُ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ، كَمَا تُقَسَّمُ مَسْأَلَةُ الْمُبَاهَلَةِ، وَعَلَى الثَّانِي يُقَسَّمُ النِّصْفُ بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةٍ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ يُقَسَّمُ السُّدُسُ بَيْنَ صَاحِبَيْ النِّصْفَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَعَلَى تَنْزِيلِ الْأَحْوَالِ.

يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ نِصْفُهُ حُرٌّ سُدُسُ الْمَالِ، وَثُمُنُهُ، وَلِمَنْ ثُلُثُهُ حُرٌّ ثُلُثَا ذَلِكَ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>