بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ
وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادٍ حَقِيقَةً. قُلْنَا: إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إلَى الْوَاقِفِ عُرْفًا، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَوْلَادُ أَوْلَادِي الْمُنْتَسِبِينَ إلَيَّ. لَمْ يَدْخُلْ هَؤُلَاءِ فِي الْوَقْفِ
وَلِأَنَّ وَلَدَ الْهَاشِمِيَّةِ مِنْ غَيْرِ الْهَاشِمِيِّ لَيْسَ بِهَاشِمِيٍّ، وَلَا يُنْسَبُ إلَى أَبِيهَا. وَأَمَّا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ يُنْسَبُ إلَيْهِ، فَنُسِبَ إلَى أُمِّهِ لِعَدَمِ أَبِيهِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَغَيْرُهُ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ، كَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا. وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» . تَجَوُّزٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: ٤٠] . وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، فَأَمَّا إنْ وُجِدَ مَا يَصْرِفُ اللَّفْظَ إلَى أَحَدِهِمَا، انْصَرَفَ إلَيْهِ
وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، عَلَى أَنَّ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ سَهْمًا، وَلِوَلَدِ الْبَنِينَ سَهْمَيْنِ. أَوْ: فَإِذَا خَلَتْ الْأَرْضُ مِمَّنْ يَرْجِعُ نَسَبُهُ إلَيَّ مِنْ قِبَلِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ، كَانَ لِلْمَسَاكِينِ. أَوْ كَانَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مِنْ أَوْلَادِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ بَنَاتٍ، وَأَشْبَاهُ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ وَلَدِ الْبَنَاتِ بِالْوَقْفِ، دَخَلُوا فِي الْوَقْفِ. وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي الْمُنْتَسِبِينَ إلَيَّ، أَوْ غَيْرِ ذَوِي الْأَرْحَامِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ. وَإِنْ قَالَ: عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانَةَ وَفُلَانَةَ، وَأَوْلَادِهِمْ، دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدِهِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ.
وَإِنْ قَالَ الْهَاشِمِيُّ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي الْهَاشِمِيِّينَ. لَمْ يَدْخُلْ فِي الْوَقْفِ مِنْ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ مَنْ كَانَ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ. فَأَمَّا مَنْ كَانَ هَاشِمِيًّا مِنْ غَيْرِ أَوْلَادِ بَنِيهِ، فَهَلْ يَدْخُلُونَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أُولَاهُمَا، أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ؛ لِأَنَّهُمْ اجْتَمَعَ فِيهِمْ الصِّفَتَانِ جَمِيعًا، كَوْنُهُمْ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَكَوْنُهُمْ هَاشِمِيِّينَ. وَالثَّانِي، لَا يَدْخُلُونَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي مُطْلَقِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ الْهَاشِمِيِّينَ. وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، مِمَّا يُنْسَبُ إلَى قَبِيلَتِي. فَكَذَلِكَ.
(٤٣٩٢) الْفَصْل الثَّالِثُ: أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ رَجُلٍ، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، اسْتَوَى فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيكٌ بَيْنَهُمْ، وَإِطْلَاقُ التَّشْرِيكِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ بِشَيْءٍ، وَكَوَلَدِ الْأُمِّ فِي الْمِيرَاثِ حِينَ شَرَّكَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute