للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكُفَّارَ، فَوَقَعَ الذَّمُّ عَلَى الْأَغْلَبِ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُمْ مَنْ لَا يَفْعَلُ الْخِصَالَ الْمَذْمُومَةَ، فَالْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَتِهِ، وَمَدْحِ أَهْلِهِ الْمُتَّصِفِينَ بِالصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ.

وَأَمَّا الْخَبَرُ؛ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الشِّعْرُ حَتَّى يَشْغَلَهُ عَنْ الْقُرْآنِ وَالْفِقْهِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ هِجَاءً وَفُحْشًا، فَمَا كَانَ مِنْ الشِّعْرِ يَتَضَمَّنُ هَجْوَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْقَدْحَ فِي أَعْرَاضِهِمْ، أَوْ التَّشَبُّبَ بِامْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا، وَالْإِفْرَاطَ فِي وَصْفِهَا، فَذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ. وَهَذَا إنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَى قَائِلِهِ، فَهُوَ صَحِيحٌ، وَأَمَّا عَلَى رَاوِيهِ فَلَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ الْمَغَازِيَ تُرْوَى فِيهَا قَصَائِدُ الْكُفَّارِ الَّذِينَ هَجَوْا بِهَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ أَحَدٌ.

وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ فِي الشِّعْرِ الَّذِي تَقَاوَلَتْ بِهِ الشُّعَرَاءُ فِي يَوْمِ بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَغَيْرِهِمَا، إلَّا قَصِيدَةَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ الْحَائِيَّةَ» . وَكَذَلِكَ يُرْوَى شِعْرُ قَيْسِ بْنِ الْخَطِيمِ، فِي التَّشْبِيبِ بِعَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ، أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، وَأُمِّ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>