عُمَرُ فِيهِ بِبَقَرَةِ. وَحَكَمَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ فِي الظَّبْيِ بِشَاةٍ. وَإِذَا حَكَمُوا بِذَلِكَ فِي الْأَزْمِنَةِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَالْبَلَدَانِ الْمُتَفَرِّقَةِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْقِيمَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْقِيمَةِ لَاعْتَبَرُوا صِفَةَ الْمُتْلَفِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ، إمَّا بِرُؤْيَةٍ أَوْ إخْبَارٍ، وَلَمْ يُنْقَلُ عَنْهُمْ السُّؤَالُ عَنْ ذَلِكَ حَالَ الْحُكْمِ، وَلِأَنَّهُمْ حَكَمُوا فِي الْحَمَامِ بِشَاةٍ، وَلَا يَبْلُغُ قِيمَةَ شَاةٍ فِي الْغَالِبِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْمُمَاثَلَةِ، فَإِنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ بَيْنَ النَّعَمِ وَالصَّيْدِ، لَكِنْ أُرِيدَتْ الْمُمَاثَلَةُ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ. وَالْمُتْلَفُ مِنْ الصَّيْدِ قِسْمَانِ؛ أَحَدُهُمَا، قَضَتْ فِيهِ الصَّحَابَةُ، فَيَجِبُ فِيهِ مَا قَضَتْ. وَبِهَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يُسْتَأْنَفُ الْحُكْمُ فِيهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥] وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ» وَقَالَ: «اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ» . وَلِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ، وَأَبْصَرُ بِالْعِلْمِ، فَكَانَ حُكْمُهُمْ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمْ، كَالْعَالِمِ مَعَ الْعَامِّيِّ، وَاَلَّذِي بَلَغَنَا قَضَاؤُهُمْ فِي؛ الضَّبُعِ كَبْشٌ. قَضَى بِهِ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَجَابِرٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ.
وَفِيهِ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَعَلَ فِي الضَّبُعِ يَصِيدُهَا الْمُحْرِمُ كَبْشًا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «، قَالَ: فِي الضَّبُعِ كَبْشٌ، إذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ، وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ، وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ، وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ» . قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: الْجَفْرَةُ، الَّتِي قَدْ فُطِمَتْ وَرَعَتْ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. قَالَ أَحْمَدُ:: «حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الضَّبُع بِكَبْشٍ.» وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إنْ كَانَ الْعُلَمَاءُ بِالشَّامِ يَعُدُّونَهَا مِنْ السِّبَاعِ وَيَكْرَهُونَ أَكْلَهَا. وَهُوَ الْقِيَاسُ، إلَّا أَنَّ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ وَالْآثَارِ أَوْلَى. وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَعَنْ أَحْمَدَ: فِيهِ بَدَنَةٌ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ. وَفِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَطَاءٍ، وَعُرْوَةَ، وَقَتَادَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَالْأَيْلُ فِيهِ بَقَرَةٌ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ أَصْحَابُنَا: فِي الْوَعْلِ وَالثَّيْتَلِ بَقَرَةٌ، كَالْأَيِّلِ. وَالْأَرْوَى فِيهَا بَقَرَةٌ. قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ.
وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهَا عَضْبٌ، وَهِيَ مِنْ أَوْلَادِ الْبَقَرِ مَا بَلَغَ أَنْ يُقْبَضَ عَلَى قَرْنِهِ، وَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ جِذْعًا. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ. وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ. ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute