وَلَوْ قَالَ: أَشْرِكْنِي فِيهِ. أَوْ قَالَ: الشَّرِكَةُ فِيهِ. فَقَالَ: أَشْرَكْتُك. أَوْ قَالَ: وَلِّنِي مَا اشْتَرَيْت. وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ، صَحَّ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَقْتَضِي ابْتِيَاعَ جُزْءٍ مِنْهُ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَالتَّوْلِيَةُ ابْتِيَاعُهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، فَإِذَا أُطْلِقْ اسْمُهُ انْصَرَفَ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَقِلْنِي. فَقَالَ: أَقَلْتُك. وَفِي حَدِيثٍ عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ إلَى السُّوقِ، فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: أَشْرِكْنَا؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا لَك بِالْبَرَكَةِ. فَيُشْرِكُهُمْ، فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ، فَيَبْعَثُ بِهَا إلَى الْمَنْزِلِ.» ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَشْرِكْنِي فَأَشْرَكَهُ انْصَرَفَ إلَى نِصْفِهِ؛ لِأَنَّهَا بِإِطْلَاقِهَا تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ. فَإِنْ اشْتَرَى اثْنَانِ عَبْدًا فَاشْتَرَكَا فِيهِ، فَقَالَ لَهُمَا رَجُلٌ: أَشْرِكَانِي فِيهِ. فَقَالَا: أَشْرَكْنَاك. احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاكِهِمَا لَوْ كَانَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا كَانَ لَهُ النِّصْفُ، فَكَذَلِكَ حَالَ الِاجْتِمَاعِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ يُفِيدُ التَّسَاوِي، وَلَا يَحْصُلُ التَّسَاوِي إلَّا بِجَعْلِهِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا. وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّ إشْرَاكَ الْوَاحِدِ إنَّمَا اقْتَضَى النِّصْفَ؛ لِحُصُولِ التَّسْوِيَةِ بِهِ.
وَإِنْ شَرَكَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، كَانَ لَهُ النِّصْفُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبْعُ. وَإِنْ قَالَ: أَشْرِكَانِي فِيهِ. فَشَرَكَهُ أَحَدُهُمَا، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ حِصَّةِ الَّذِي شَرَكَهُ وَهُوَ الرُّبْعُ، وَعَلَى الْآخَرِ لَهُ السُّدُسُ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الشَّرِكَةِ مِنْهُمَا يَقْتَضِي طَلَبَ ثُلُثِ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِيَكُونَ مُسَاوِيًا لَهُمَا. فَإِذَا أَجَابَهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ فِيمَا طَلَبَ مِنْهُ. وَإِنْ قَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا: أَشْرَكْنَاك. انْبَنَى عَلَى تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ. فَإِنْ قُلْنَا: يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ مِنْ صَاحِبِهِ. فَأَجَازَهُ، فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ فِي نِصْفِهِ أَوْ فِي ثُلُثِهِ؟ عَلَى الْوَجْهَيْنِ
وَلَوْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا: أَشْرِكْنِي فِي نِصْفِ هَذَا الْعَبْدِ فَأَشْرَكَهُ، فَإِنْ قُلْنَا: يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَجَازَهُ. فَلَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ، وَلَهُمَا نِصْفُهُ، وَإِلَّا فَلَهُ نِصْفُ حِصَّةِ الَّذِي شَرَكَهُ. وَإِنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَلَقِيَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَشْرِكْنِي فِي هَذَا الْعَبْدِ. فَقَالَ: قَدْ أَشْرَكَتْك. فَلَهُ نِصْفُهُ. فَإِنْ لَقِيَهُ آخَرُ فَقَالَ: أَشْرِكْنِي فِي هَذَا الْعَبْدِ. وَكَانَ عَالِمًا بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ، فَلَهُ رُبْعُ الْعَبْدِ، وَهُوَ نِصْفُ حِصَّةِ الَّذِي شَرَكَهُ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ لِلْإِشْرَاكِ رَجَعَ إلَى مَا مَلَكَهُ الْمُشَارِكُ. وَهُوَ النِّصْفُ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ طَالِبٌ لِنِصْفِ الْعَبْدِ؛ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ لِهَذَا الَّذِي طَلَبَ مِنْهُ الْمُشَارَكَةَ. فَإِذَا قَالَ لَهُ: أَشْرَكْتُكَ فِيهِ. احْتَمَلَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute