هِمْلَاجَةٌ، أَوْ فِي الْفَهْدِ أَنَّهُ صَيُودٌ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا. فَمَتَى بَانَ خِلَافَ مَا اشْتَرَطَهُ، فَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ، وَالرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ، أَوْ الرِّضَا بِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ. لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي هَذَا خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ وَصْفًا مَرْغُوبًا فِيهِ، فَصَارَ بِالشَّرْطِ مُسْتَحِقًّا.
فَأَمَّا إنْ شَرَطَ صِفَةً غَيْرَ مَقْصُودَةٍ، فَبَانَتْ بِخِلَافِهَا، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَهَا سَبْطَةً فَبَانَتْ جَعْدَةً، أَوْ جَاهِلَةً، فَبَانَتْ عَالِمَةً، فَلَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا. وَإِنْ شَرَطَهَا كَافِرَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، أَوْ ثَيِّبًا، فَبَانَتْ بِكْرًا، فَلَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ فِيهِ قَصْدًا صَحِيحًا، وَهُوَ أَنَّ طَالِبَ الْكَافِرَةِ أَكْثَرُ؛ لِصَلَاحِيَتِهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهَا، أَوْ لِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَكْلِيفهَا الْعِبَادَاتِ. وَقَدْ يَشْتَرِطُ الثَّيِّبَ؛ لِعَجْزِهِ عَنْ الْبِكْرِ، أَوْ لِيَبِيعَهَا لِعَاجِزٍ عَنْ الْبِكْرِ. فَقَدْ فَاتَ قَصْدُهُ.
وَقِيلَ: لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ زِيَادَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْبِكْرِ، وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي. وَاسْتَبْعَدَ كَوْنَهُ يَقْصِدُ الثُّيُوبَةَ، لِعَجْزِهِ عَنْ الْبِكْرِ، وَلَيْسَ هَذَا بِبَعِيدٍ، فَإِنَّهُ مُمْكِنٌ، وَالِاشْتِرَاطُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَيَصِيرُ بِالدَّلِيلِ قَرِيبًا. وَإِنْ شَرَطَ الشَّاةَ لَبُونًا، صَحَّ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، فَلَمْ يَجُزْ شَرْطُهُ.
وَلَنَا، أَنَّهُ أَمْرٌ مَقْصُودٌ يَتَحَقَّقُ فِي الْحَيَوَانِ، وَيَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ، فَصَحَّ اشْتِرَاطُهُ، كَالصِّنَاعَةِ فِي الْأَمَةِ، وَالْهَمْلَجَةِ فِي الدَّابَّةِ. وَإِنَّمَا لَمْ يَحُزْ بَيْعُهُ مُفْرَدًا؛ لِلْجَهَالَةِ، وَالْجَهَالَةُ تَسْقُطُ فِيمَا كَانَ بَيْعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ، صَحَّ بَيْعُهَا مَعَهُ، وَكَذَلِكَ يَصِحُّ بَيْعُ أَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُمَا مُفْرَدَيْنِ. وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهَا تَحْلُبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا، لَمْ يَصِحَّ؛ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِهِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ يَخْتَلِفُ، وَلَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ.
وَإِنْ شَرَطَهَا غَزِيرَةَ اللَّبَنِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ. وَإِنْ شَرَطَهَا حَامِلًا صَحَّ. وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا حُكْمَ لَهُ؛ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ اللِّعَانُ عَلَى الْحَمْلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رِيحٌ.
وَلَنَا، أَنَّهُ صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهَا، فَصَحَّ شَرْطُهُ، كَالصِّنَاعَةِ، وَكَوْنِهَا لَبُونًا، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا قَبْلُ أَنَّ لِلْحَمْلِ حُكْمًا، وَلِذَلِكَ حَكَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدِّيَةِ بِأَرْبَعِينَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا. وَمَنَعَ أَخْذَ الْحَوَامِلِ فِي الزَّكَاةِ، وَمَنَعَ وَطْءَ الْحَبَالَى الْمَسْبِيَّاتِ، وَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى عِدَّةَ الْحَامِلِ وَضْعَ حَمْلِهَا، وَأَرْخَصَ لَهَا الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا، وَمَنَعَ مِنْ الِاقْتِصَاصِ مِنْهَا، وَإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ حَمْلِهَا. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي اللِّعَانِ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَاعَنَهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا، فَانْتَفَى عَنْهُ وَلَدُهَا، وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهَا تَضَعُ الْوَلَدَ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، لَمْ يَصِحَّ وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute