كَمَا لَوْ بَاعَ شِقْصًا وَسَيْفًا، وَلِأَنَّ مَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَدْ صَدَرَ فِيهِ الْبَيْعُ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ بِشَرْطِهِ فَصَحَّ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ سَبَبٌ اقْتَضَى الْحُكْمَ فِي مَحِلَّيْنِ وَامْتَنَعَ حُكْمُهُ فِي أَحَدِ الْمَحِلَّيْنِ لِنُبُوَّتِهِ عَنْ قَبُولٍ فَيَصِحُّ فِي الْآخَرِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِآدَمِيٍّ وَبَهِيمَةٍ، وَأَمَّا الدِّرْهَمَانِ وَالْأُخْتَانِ، فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى بِالْفَسَادِ مِنْ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ فَسَدَ فِيهِمَا، وَهَاهُنَا بِخِلَافِهِ.
الْقَسَمِ الثَّالِثِ، أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعَانِ مَعْلُومَيْنِ، مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا الثَّمَنُ بِالْأَجْزَاءِ كَعَبْدٍ وَحُرٍّ، وَخَلٍّ وَخَمْرٍ، [وَعَبْدِهِ] وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَعَبْدٍ حَاضِرٍ وَآبِقٍ، فَهَذَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَفِي الْآخَرِ رِوَايَتَانِ، نَقَلَ صَالِحٌ عَنْ أَبِيهِ فِي مَنْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا حُرًّا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَنَقَلَ عَنْهُ مُهَنَّا فِي مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدَيْنِ فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا حُرًّا، فَلَهَا قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ فَأَبْطَلَ الصَّدَاقَ فِيهِمَا جَمِيعًا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ كَالرِّوَايَتَيْنِ وَأَبْطَلَ مَالِكٌ الْعَقْدَ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَبِيعَ مِلْكَهُ وَمِلْكَ غَيْرِهِ فَيَصِحُّ فِي مِلْكِهِ وَيَقِفُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ كَالْحُرِّ وَالْخَمْرِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ فِيهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ كَمِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ صَحَّ فِيمَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ يُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَهُ حُكْمُ الْإِجَازَةِ، بِحُكْمِ حَاكِمٍ، بِصِحَّةِ بَيْعِهِ.
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي، وَلِأَنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِالتَّقْسِيطِ لِلثَّمَنِ عَلَى الْقِيمَةِ، وَذَلِكَ مَجْهُولٌ فِي الْحَالِ، فَلَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ بِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِرَقْمِهَا، أَوْ بِحِصَّةٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ، فَقَالَ بِعْتُك هَذَا بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَصِحَّ. فَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ. وَقَالَ مَنْ نَصَرَ الرِّوَايَةَ الْأُولَى إنَّهُ مَتَى سَمَّى ثَمَنًا فِي مَبِيعٍ يَسْقُطُ بَعْضُهُ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ جَهَالَةً تَمْنَعُ الصِّحَّةَ، كَمَا لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الْمَبِيعِ مَعِيبًا فَأَخَذَ أَرْشَهُ، وَالْقَوْلُ بِالْفَسَادِ فِي هَذَا الْقِسْمِ أَظْهَرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ إذَا جَمَعَتْ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ كَالْحُكْمِ فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ فِيهَا الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عُقُودَ مُعَاوَضَةٍ، فَلَا تُوجَدُ جَهَالَةُ الْعِوَضِ فِيهَا. (٣١٣٤) فَصْلٌ: وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ، فَتَلِفَ بَعْضُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي. رِوَايَةً وَاحِدَةً.
يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ صَحِيحًا فَذَهَابُ بَعْضِهِ لَا يَفْسَخُهُ، كَمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَمَا لَوْ وَجَدَ أَحَدَ الْمَبِيعَيْنِ مَعِيبًا فَرَدَّهُ أَوْ أَقَالَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ. فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَبْدَانِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَبَاعَهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ فِيهِمَا، وَيَتَقَسَّطُ الْعِوَضُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute