للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ.

قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إذَا كَانَ عَلَى النِّصْفِ وَالرُّبْعِ، فَهُوَ جَائِزٌ. وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَنَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَحْمَدَ، فِي مَنْ دَفَعَ عَبْدَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَكْسِبَ عَلَيْهِ، وَيَكُونَ لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ أَوْ رُبْعه، فَجَائِزٌ، وَالْوَجْهُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ. وَإِنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى خَيَّاطٍ لِيُفَصِّلَهُ قُمْصَانًا يَبِيعُهَا، وَلَهُ نِصْفُ رِبْحِهَا بِحَقِّ عَمَلِهِ، جَازَ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، وَإِنْ دَفَعَ غَزْلًا إلَى رَجُلٍ يَنْسِجُهُ ثَوْبًا بِثُلُثِ ثَمَنِهِ أَوْ رُبُعِهِ، جَازَ. نَصَّ عَلَيْهِ.

وَلَمْ يُجِزْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ مَجْهُولٌ وَعَمَلٌ مَجْهُولٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ جَوَازِهِ. وَإِنْ جَعَلَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، لَمْ يَجُزْ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ الْجَوَازُ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ، وَمَا رُوِيَ غَيْرُ هَذَا فَعَلَيْهِ الْمُعْتَمَدُ.

قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّه يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِالثَّوْبِ يُدْفَعُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ. وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُعْطِي الثَّوْبَ بِالثُّلُثِ وَدِرْهَمٍ وَدِرْهَمَيْنِ؟ قَالَ: أَكْرَهُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ لَا يُعْرَفُ. وَالثُّلُثُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ نَرَاهُ جَائِزًا؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى خَيْبَرَ عَلَى الشَّطْرِ. قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّه: فَإِنْ كَانَ النَّسَّاجُ لَا يَرْضَى حَتَّى يُزَادَ عَلَى الثُّلُثِ دِرْهَمًا؟ قَالَ: فَلْيَجْعَلْ لَهُ ثُلُثًا وَعُشْرَيْ ثُلُثٍ وَنِصْفَ عُشْرٍ وَمَا أَشْبَهَ.

وَرَوَى الْأَثْرَمُ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَيُّوبَ، وَيَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، أَنَّهُمْ أَجَازُوا ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: كَرِهَ هَذَا كُلَّهُ الْحَسَنُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: هَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ.

وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالُوا: لَوْ دَفَعَ شَبَكَتَهُ إلَى الصَّيَّادِ لِيَصِيدَ بِهَا السَّمَكَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَالصَّيْدُ كُلُّهُ لِلصَّيَّادِ، وَلِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ أَجْرُ مِثْلِهَا. وَقِيَاسُ مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ صِحَّةُ الشَّرِكَةِ، وَمَا رَزَقَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ؛ لِأَنَّهَا عَيْنٌ تُنَمَّى بِالْعَمَلِ فِيهَا، فَصَحَّ دَفْعُهَا بِبَعْضِ نَمَائِهَا كَالْأَرْضِ.

(٣٦٢٣) فَصْلٌ: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: «نَهَى رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ» . وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَ الطَّحَّانَ أَقْفِزَةً مَعْلُومَةً يَطْحَنُهَا بِقَفِيزِ دَقِيقٍ مِنْهَا. وَعِلَّةُ الْمَنْعِ أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ بَعْضَ مَعْمُولِهِ أَجْرًا لِعَمَلِهِ، فَيَصِيرُ الطَّحْنُ مُسْتَحَقًّا لَهُ عَلَيْهِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْرِفُهُ، وَلَا يَثْبُتُ عِنْدَنَا صِحَّتُهُ، وَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ جَوَازُهُ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ الْمَسَائِلِ.

(٣٦٢٤) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ لِرَجُلِ دَابَّةٌ، وَلِآخَرَ إكَافٌ وَجُوَالِقَاتٌ، فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُؤْجَرَاهُمَا وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَهُوَ فَاسِدٌ، لِأَنَّ هَذِهِ أَعْيَانٌ لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا، فَكَذَلِكَ فِي مَنَافِعِهَا، إذْ تَقْدِيره:

<<  <  ج: ص:  >  >>