للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي تَوْرِيثِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، إذَا كَانُوا مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ، فَنَقَلَ الْأَثْرَمُ، وَحَنْبَلٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، فِي الْخَالِ، وَالْخَالَةِ: يُعْطُونَ بِالسَّوِيَّةِ. فَظَاهِرُ هَذَا التَّسْوِيَةُ فِي جَمِيعِ ذَوِي الْأَرْحَامِ

وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَمَذْهَبُ أَبِي عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقَ، وَنُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالرَّحِمِ الْمُجَرَّدِ، فَاسْتَوَى ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ، كَوَلَدِ الْأُمِّ. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ: إذَا تَرَكَ وَلَدَ خَالِهِ. وَخَالَتِهِ، اجْعَلْهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ. وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَرُّوذِيُّ، فِي مَنْ تَرَكَ خَالَهُ وَخَالَتِهِ: لِلْخَالِ الثُّلُثَانِ، وَلِلْخَالَةِ الثُّلُثُ، فَظَاهِرُ هَذَا التَّفْضِيلِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَعَامَّةِ الْمُنَزِّلِينَ.

لِأَنَّ مِيرَاثَهُمْ مُعْتَبَرٌ بِغَيْرِهِمْ، فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُمْ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الْمَالَ كُلَّهُ، وَلَا عَلَى الْعَصَبَةِ الْبَعِيدِ؛ لِأَنَّ ذَكَرَهُمْ يَنْفَرِدُ بِالْمِيرَاثِ دُونَ الْإِنَاثِ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ الْعَصَبَاتِ، وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ. وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُمْ مُعْتَبَرُونَ بِوَلَدِ الْأُمِّ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُونَ كُلَّ الْمَالِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ، وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ وَلَدِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ آبَاءَهُمْ يَسْتَوِي ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ، إلَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ أَمَاتَ السَّبَبَ، فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَاَلَّذِي نَقَلَ الْخِرَقِيِّ؛ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْجَمِيعِ، إلَّا فِي الْخَالِ وَالْخَالَةِ

وَلَمْ أَعْلَمْ لَهُ مُوَافِقًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَا عَلِمْت وَجْهَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إذَا كَانَ أَبُوهُمْ وَاحِدًا، وَأُمُّهُمْ وَاحِدَةً ". فَلِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي ذَكَرٍ وَأُنْثَى، أَبُوهُمَا وَأُمُّهُمَا وَاحِدٌ، فَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ آبَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ، كَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ الْمُفْتَرِقِينَ، وَالْعَمَّاتِ الْمُفْتَرِقَاتِ، أَوْ إذَا أَدْلَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِغَيْرِ مَنْ أَدْلَى بِهِ الْآخَرُ، كَابْنِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ أُخْرَى، فَلِذَلِكَ مَوْضِعٌ آخَرُ يُذْكَرُ فِيهِ غَيْرُ هَذَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

وَمِنْ مَسَائِلِ ذَلِكَ؛ ابْنُ أُخْتٍ مَعَهُ أُخْتُهُ، أَوْ ابْنُ بِنْتٍ مَعَهُ أُخْتُهُ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ مَنْ سَوَّى، وَعِنْدَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ، وَسَائِرِ الْمُنَزِّلِينَ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ. ابْنَا وَابْنَتَا أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ وَثَلَاثُ بَنَاتِ أُخْتٍ لِأَبٍ وَأَرْبَعَةُ بَنِي وَلَدٍ وَأَرْبَعُ بَنَاتِ أُخْتٍ لِأُمٍّ، أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ خَمْسَةٍ؛ لِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثَلَاثَةٌ بَيْنَ وَلَدِهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ سَهْمٌ بَيْنَ وَلَدِهَا عَلَى سِتَّةٍ، وَلِلْأُخْتِ مِنْ الْأُمِّ سَهْمٌ بَيْنَ وَلَدِهَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ.

وَالْأَرْبَعَةُ دَاخِلَةٌ فِيهَا، وَالسِّتَّةُ تُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ، فَتَضْرِبُ نِصْفَهَا فِي ثَمَانِيَةٍ، تَكُنْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، ثُمَّ فِي خَمْسَةٍ تَكُنْ مِائَةً وَعِشْرِينَ، وَمَنْ فَضَّلَ أَبْقَى وَلَدَ الْأُمِّ بِحَالِهِمْ، وَجَعَلَ وَلَدَ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ سِتَّةً، تُوَافِقُهُمْ سِهَامُهُمْ بِالثُّلُثِ، فَيَرْجِعُونَ إلَى اثْنَيْنِ، فَيَدْخُلَانِ فِي الثَّمَانِيَةِ، وَوَلَدُ الْأُخْتِ مِنْ الْأَبِ تِسْعَةٌ، تَضْرِبُهَا فِي ثَمَانِيَةٍ، تَكُنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، ثُمَّ فِي خَمْسَةٍ، تَكُنْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ. وَإِنْ كَانُوا أَوْلَادَ عَمَّاتٍ أَوْ خَالَاتٍ مُفْتَرِقَاتٍ فَكَذَلِكَ. وَإِنْ كَانُوا أَوْلَادَ بَنَاتٍ، أَوْ أَوْلَادَ أَخَوَاتٍ مِنْ أَبَوَيْنِ، أَوْ مِنْ أَبٍ، فَهِيَ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، عِنْدَ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>