تَعَالَى: {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] وَالْقُنُوتُ طُولُ الْقِيَامِ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالصُّبْحِ؛ وَلِأَنَّهَا مِنْ أَثْقَلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلِهَذَا اُخْتُصَّتْ بِالْوَصِيَّةِ وَبِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩] يَعْنِي صَلَاةَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ نَظَرَ إلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ: أَمَّا إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تَغْلِبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلْبُخَارِيِّ (فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: ١٣٠]
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» يُرِيدُ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ. وَقَالَ: «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» مُتَّفَقٌ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ.
وَقِيلَ: هِيَ الْمَغْرِبُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى هِيَ الظُّهْرُ، فَتَكُونُ الْمَغْرِبُ الثَّالِثَةَ، وَالثَّالِثَةُ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ هِيَ الْوُسْطَى؛ وَلِأَنَّهَا وُسْطَى فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَوُسْطَى فِي الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّ عَدَدَ رَكَعَاتِهَا ثَلَاثٌ، فَهِيَ وُسْطَى بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَالِاثْنَيْنِ، وَوَقْتُهَا فِي آخِرِ النَّهَارِ وَأَوَّلِ اللَّيْلِ، وَخُصَّتْ مِنْ بَيْنِ الصَّلَاةِ بِأَنَّهَا وِتْرٌ، وَاَللَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، وَبِأَنَّهَا تُصَلَّى فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ.
وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ، وَكَذَلِكَ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْيَوْمَيْنِ لِوَقْتٍ وَاحِدٍ، وَلِذَلِكَ ذَهَبَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ إلَى أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا إلَّا وَقْتٌ وَاحِدٌ لِذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَزَالُ أُمَّتِي، أَوْ قَالَ: هَذِهِ الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ أَوْ قَالَ عَلَى الْفِطْرَةِ، مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقِيلَ: هِيَ الْعِشَاءُ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: «مَكَثْنَا لَيْلَةً نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute