للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غُلَامًا، فَقَالَ: لَا، اللِّقَاحُ وَاحِدٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا تَفْسِيرُ لَبَنِ الْفَحْلِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِتَحْرِيمِهِ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَرَخَّصَ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَالنَّخَعِيُّ، وَأَبُو قِلَابَةَ

وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرِ مُسَمِّينَ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ مِنْ الْمَرْأَةِ لَا مِنْ الرَّجُلِ. وَيُرْوَى عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهَا أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، امْرَأَةُ الزُّبَيْرِ قَالَتْ: وَكَانَ الزُّبَيْرُ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا أَمْتَشِطُ، فَيَأْخُذُ بِقَرْنٍ مِنْ قُرُونِ رَأْسِي، فَيَقُولُ: أَقْبِلِي عَلَيَّ فَحَدِّثِينِي. أَرَاهُ وَالِدًا، وَمَا وَلَدَ فَهُمْ إخْوَتِي، ثُمَّ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَرْسَلَ إلَيَّ يَخْطُبُ أُمَّ كُلْثُومٍ ابْنَتِي، عَلَى حَمْزَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَكَانَ حَمْزَةُ لِلْكَلْبِيَّةِ، فَقُلْت لِرَسُولِهِ: وَهَلْ تَحِلُّ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ ابْنَةُ أُخْتِهِ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إنَّمَا أَرَدْت بِهَذَا الْمَنْعَ لِمَا قِبَلَك، أَمَّا مَا وَلَدَتْ أَسْمَاءُ فَهُمْ إخْوَتُك، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ أَسْمَاءَ فَلَيْسُوا لَك بِإِخْوَةٍ، فَأَرْسِلِي فَسَلِي عَنْ هَذَا، فَأَرْسَلَتْ فَسَأَلَتْ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَافِرُونَ، فَقَالُوا لَهَا: إنَّ الرَّضَاعَةَ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ لَا تُحَرِّمُ شَيْئًا فَأَنْكَحَتْهَا إيَّاهُ، فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى هَلَكَ عَنْهَا. وَلَنَا

مَا رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَقُلْت: وَاَللَّهِ لَا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَتُهُ فَقَالَ ائْذَنِي لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّك، تَرِبَتْ يَمِينُك قَالَ عُرْوَةُ: فَبِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَأْخُذُ بِقَوْلِ: حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعِ مَا يُحَرَّمُ مِنْ النَّسَبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا نَصٌّ قَاطِعٌ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى مَا خَالَفَهُ.

فَأَمَّا حَدِيثُ زَيْنَبَ فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ حُجَّةٌ لَنَا، فَإِنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يَعْتَقِدُهَا ابْنَتَهُ وَتَعْتَقِدُهُ أَبَاهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كَانَ مَشْهُورًا عِنْدَهُمْ، وَقَوْلُهُ مَعَ إقْرَارِ أَهْلِ عَصْرِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِهِ وَقَوْلِ قَوْمٍ لَا يُعْرَفُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>