للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَاتَ اللَّاتِي أَسْلَمْنَ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَاقِيَاتُ، فَلَهُ اخْتِيَارُ الْمَيِّتَاتِ، وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِيَاتِ، وَلَهُ اخْتِيَارُ بَعْضِ هَؤُلَاءِ؛ وَبَعْضِ هَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ لَيْسَ بِعَقْدِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَصْحِيحٌ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ فِيهِنَّ، وَالِاعْتِبَارُ فِي الِاخْتِيَارِ بِحَالِ ثُبُوتِهِ، وَحَالَ ثُبُوتِهِ كُنَّ أَحْيَاءَ

وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةُ مِنْهُنَّ، فَقَالَ: اخْتَرْتهَا. جَازَ، فَإِذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، انْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي. وَإِنْ قَالَ لِلْمُسْلِمَةِ: اخْتَرْت فَسْخَ نِكَاحِهَا. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَالِاخْتِيَارُ لِلْأَرْبَعِ، وَهَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ، فَيَقَعُ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَيَكُونُ طَلَاقُهُ لَهَا اخْتِيَارًا لَهَا

وَإِنْ قَالَ: اخْتَرْت فُلَانَةَ. قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِلِاخْتِيَارِ، لِأَنَّهَا جَارِيَةٌ إلَيَّ بَيْنُونَةٍ، فَلَا يَصِحُّ إمْسَاكُهَا. وَإِنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا، لَمْ يَنْفَسِخْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ الِاخْتِيَارُ، لَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ. وَإِنْ نَوَى بِالْفَسْخِ الطَّلَاقَ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. فَهُوَ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ وَلَمْ يُسْلِمْ زِيَادَةٌ عَلَى أَرْبَعٍ، أَوْ أَسْلَمَ زِيَادَةٌ فَاخْتَارَهَا، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا

(٥٤٤٩) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ اخْتَرْتهَا. لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ، وَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ

وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا؛ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ اخْتَرْت فَسْخَ نِكَاحِهَا. لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَمْلِكُهُ فِي وَاحِدَةٍ حَتَّى يَزِيدَ عَدَدُ الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَهِيَ طَالِقُ. وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا، يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَيَتَضَمَّنُ الِاخْتِيَارَ لَهَا، فَكُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ كَانَ اخْتِيَارًا لَهَا، وَتَطْلُقُ بِطَلَاقِهِ. وَالثَّانِي، لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَضَمَّنُ الِاخْتِيَارَ، وَالِاخْتِيَارُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ

(٥٤٥٠) فَصْلٌ: وَإِذَا أَسْلَمَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجِّ أَوْ عُمْرَةٍ، ثُمَّ أَسْلَمْنَ، فَلَهُ الِاخْتِيَارُ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ اسْتِدَامَةٌ لِلنِّكَاحِ، وَتَعْيِينٌ لِلْمَنْكُوحَةِ، وَلَيْسَ بِابْتِدَاءٍ لَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لَهُ الِاخْتِيَارُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَلَنَا أَنَّهُ اسْتِدَامَةُ نِكَاحٍ، لَا يُشْتَرَطُ لَهُ رِضَاءُ الْمَرْأَةِ، وَلَا وَلِيُّ، وَلَا شُهُودٌ، وَلَا يَتَجَدَّدُ بِهِ مَهْرٌ، فَجَازَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ، كَالرَّجْعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>