للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَعَلَ الْقُطْبَ حَذْوَ ظَهْرِ أُذُنِهِ الْيُمْنَى عَلَى عُلُوِّهَا، فَيَكُونُ مُسْتَقْبِلًا بَابَ الْكَعْبَةِ إلَى الْمَقَامِ، وَمَتَى اسْتَدْبَرَ الْفَرْقَدَيْنِ أَوْ الْجَدْيَ، فِي حَالِ عُلُوِّ أَحَدِهِمَا وَنُزُولِ الْآخَرِ، عَلَى الِاعْتِدَالِ، كَانَ ذَلِكَ كَاسْتِدْبَارِ الْقُطْبِ.

وَإِنْ اسْتَدْبَرَهُ، فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ، كَانَ مُسْتَقْبِلًا لِلْجِهَةِ، فَإِذَا اسْتَدْبَرَ الشَّرْقِيَّ مِنْهَا، كَانَ مُنْحَرِفًا إلَى الْغَرْبِ قَلِيلًا، وَإِذَا اسْتَدْبَرَ الْغَرْبِيَّ كَانَ مُنْحَرِفًا إلَى الشَّرْقِ، وَإِنْ اسْتَدْبَرَ بَنَاتَ نَعْشٍ، كَانَ مُسْتَقْبِلًا لِلْجِهَةِ أَيْضًا، إلَّا أَنَّ انْحِرَافَهُ أَكْثَرُ

فَصْلٌ: وَمَنَازِلُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَنْزِلًا، وَهِيَ: السَّرَطَانُ، وَالْبُطَيْنُ، وَالثُّرَيَّا، وَالدَّبَرَانُ، وَالْهَقْعَةُ، وَالْهَنْعَةُ، وَالذِّرَاعُ، وَالنَّثْرَةُ، وَالطَّرْفُ، وَالْجَبْهَةُ، وَالزُّبْرَةُ، وَالصَّرْفَةُ، وَالْعَوَّاءُ، وَالسِّمَاكُ، وَالْغَفْرُ، وَالزُّبَانَى، وَالْإِكْلِيلُ، وَالْقَلْبُ، وَالشَّوْلَةُ، وَالنَّعَائِمُ، وَالْبَلْدَةُ، وَسَعْدٌ الذَّابِحُ، وَسَعْدُ بُلَعَ، وَسَعْدُ السُّعُودِ، وَسَعْدُ الْأَخْبِيَةِ، وَالْفَرْعُ الْمُقَدَّمُ؛ وَالْفَرْعُ الْمُؤَخَّرُ، وَبَطْنُ الْحُوتِ.

مِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَامِيَّةٌ تَطْلُعُ مِنْ وَسَطِ الْمَشْرِقِ أَوْ مَائِلَةً عَنْهُ إلَى الشَّمَالِ قَلِيلًا، أَوَّلُهَا السَّرَطَانُ، وَآخِرُهَا السِّمَاكُ. وَمِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَمَانِيَّةٌ، تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ مَا يَلِيهِ إلَى التَّيَامُنِ، أَوَّلُهَا الْغَفْرُ؛ وَآخِرُهَا بَطْنُ الْحُوتِ.

وَلِكُلِّ نَجْمٍ مِنْ الشَّامِيَّةِ رَقِيبٌ مِنْ الْيَمَانِيَّةِ، إذَا طَلَعَ أَحَدُهُمَا غَابَ رَقِيبُهُ، وَيَنْزِلُ الْقَمَرُ كُلَّ لَيْلَةٍ بِمَنْزِلَةٍ مِنْهَا قَرِيبًا مِنْهُ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ إلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي يَلِيهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: ٣٩] .

وَالشَّمْسُ تَنْزِلُ بِكُلِّ مَنْزِلٍ مِنْهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَيَكُونُ عَوْدُهَا إلَى الْمَنْزِلِ الَّذِي نَزَلَتْ بِهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلٍ كَامِلٍ مِنْ أَحْوَالِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ، وَهَذِهِ الْمَنَازِلُ يَكُونُ مِنْهَا فِيمَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَنْزِلًا، وَمِنْ طُلُوعِهَا إلَى غُرُوبِهَا مِثْلُ ذَلِكَ، وَوَقْتُ الْفَجْرِ مِنْهَا مَنْزِلَانِ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَنْزِلٌ، وَهُوَ نِصْفُ سُدُسِ سَوَادِ اللَّيْلِ، وَسَوَادُ اللَّيْلِ اثْنَا عَشَرَ مَنْزِلًا، وَكُلُّهَا تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ وَتَغْرُبُ فِي الْمَغْرِبِ، إلَّا أَنَّ أَوَائِلَ الشَّامِيَّةِ وَآخِرَ الْيَمَانِيَّةِ تَطْلُعُ مِنْ وَسَطِ الْمَشْرِقِ، بِحَيْثُ إذَا طَلَعَ جَعَلَ الطَّالِعَ مِنْهَا مُحَاذِيًا لِكَتِفِهِ الْأَيْسَرِ كَانَ مُسْتَقْبِلًا لِلْكَعْبَةِ، وَكَذَلِكَ آخِرُ الشَّامِيَّةِ.

وَأَوَّلُ الْيَمَانِيَّةِ يَكُونُ مُقَارِبًا لِذَلِكَ، وَالْمُتَوَسِّطُ مِنْ الشَّامِيَّةِ، وَهُوَ الذِّرَاعُ وَمَا يَلِيهِ مِنْ جَانِبَيْهِ، يَمِيلُ مَطْلَعُهُ إلَى نَاحِيَةِ الشَّمَالِ، وَالْمُتَوَسِّطُ مِنْ الْيَمَانِيَّةِ - نَحْوُ الْعَقْرَبِ، وَالنَّعَائِمِ، وَالْبَلْدَةِ، وَالسُّعُودِ - تَمِيلُ مَطَالِعُهَا إلَى الْيَمِينِ، فَالْيَمَانِيُّ مِنْهَا يَجْعَلُهُ مِنْ أَمَامِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى، وَالشَّامِيُّ يَجْعَلُهُ خَلْفَ كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ قَرِيبًا مِنْهَا، وَالْغَارِبُ مِنْهَا يَجْعَلُهُ عِنْدَ كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ كَذَلِكَ.

وَإِنْ عَرَفَ الْمُتَوَسِّطَ مِنْهَا بِأَنْ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُفُقِ السَّمَاءِ سَبْعَةً مِنْ هَاهُنَا وَسَبْعَةً مِنْ هَاهُنَا، اسْتَقْبَلَهُ، وَلِكُلِّ نَجْمٍ مِنْ هَذِهِ الْمَنَازِلِ نُجُومٌ تُقَارِبُهُ، وَتَسِيرُ بِسَيْرِهِ، مِنْ عَنْ يَمِينِهِ، وَشِمَالِهِ، يَكْثُرُ عَدَدُهَا، حُكْمُهَا حُكْمُهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>