ثُمَّ تَطْهُرَ لَحْظَةً، لِيُعْرَفَ بِهَا انْقِطَاعُ الْحَيْضِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ اللَّحْظَةُ مِنْ عِدَّتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْهَا، لِمَعْرِفَةِ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا، وَلَوْ صَادَفَتْهَا رَجْعَتُهُ لَمْ تَصِحَّ.
وَمَنْ اعْتَبَرَ الْغُسْلَ فِي قَضَاء الْعِدَّةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ وَقْتٍ يُمْكِنُ الْغُسْلُ فِيهِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ. وَإِنْ قُلْنَا: الْقُرْءُ الْحَيْضُ، وَالطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. فَأَقَلُّ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ تَزِيدُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِي الطُّهْرَيْنِ. وَإِنْ قُلْنَا: الْقُرُوءُ الْأَطْهَارُ. وَأَقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنَّ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ، وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي آخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ طُهْرِهَا، فَتَحْتَسِبُ بِهَا قُرْءًا، ثُمَّ تَحْتَسِبُ طُهْرَيْنِ آخَرَيْنِ سِتَّةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَبَيْنَهُمَا حَيْضَتَانِ يَوْمَيْنِ، فَإِذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لَحْظَةً، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا. وَإِنْ قُلْنَا: الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا. زِدْنَا عَلَى هَذَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِي الطُّهْرَيْنِ، فَيَكُونُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَتِسْعَةَ عَشَرِ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَبِأَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ، وَبِسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الرَّابِعِ. فَمَتَى ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا بِالْقُرُوءِ فِي أَقَلَّ مِنْ هَذَا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا عِنْدَ أَحَدٍ فِيمَا أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ صِدْقُهَا. وَإِنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا فِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ شُرَيْحًا قَالَ: إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي شَهْرٍ، وَجَاءَتْ بِبَيِّنَةِ مِنْ النِّسَاءِ الْعُدُولِ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا، مِمَّنْ يُرْضَى صِدْقُهُ وَعَدْلُهُ، أَنَّهَا رَأَتْ مَا يُحَرِّمُ عَلَيْهَا الصَّلَاةَ مِنْ الطَّمْثِ، وَتَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ قُرْءٍ وَتُصَلِّي، فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَإِلَّا فَهِيَ كَاذِبَةٌ. فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قالون. وَمَعْنَاهُ بِالرُّومِيَّةِ: أَصَبْت أَوْ أَحْسَنْت.
فَأَخَذَ أَحْمَدُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ فِي الشَّهْرِ. فَإِنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ فِي أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ، صَدَّقَهَا، عَلَى حَدِيثِ: «إنَّ الْمَرْأَةَ اُؤْتُمِنَتْ عَلَى فَرْجِهَا» . وَلِأَنَّ حَيْضَهَا فِي الشَّهْرِ ثَلَاثُ حِيَضٍ يَنْدُرُ جِدًّا، فَرُجِّحَ بِبَيِّنَةٍ وَلَا يَنْدُرُ فِيمَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ كَنُدْرَتِهِ فِيهِ، فَقُبِلَ قَوْلُهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ. وَقَالَ: الشَّافِعِيِّ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ، وَلَا يُقْبَلُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عِدَّةٌ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا. وَقَالَ صَاحِبَاهُ: لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ عِنْدَهُمْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَثَلَاثُ حِيَضٍ تِسْعَةُ أَيَّامٍ، وَطُهْرَانِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute