أَخْرَجَهَا الْمُؤَجِّرُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ، وَسَوَاءٌ قَدَرَتْ عَلَى الْأُجْرَةِ، أَوْ عَجَزَتْ عَنْهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا تَلْزَمُهَا السُّكْنَى لَا تَحْصِيلُ الْمَسْكَنِ.
وَإِنْ كَانَتْ فِي مَسْكَنٍ لِزَوْجِهَا، فَأَخْرَجَهَا الْوَرَثَةُ مِنْهُ، وَبَذَلُوا لَهَا مَسْكَنًا آخَرَ، لَمْ تَلْزَمْهَا السُّكْنَى. وَكَذَلِكَ إنْ أُخْرِجَتْ مِنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي هِيَ بِهِ، أَوْ خَرَجَتْ لِأَيِّ عَارِضٍ كَانَ، لَمْ تَلْزَمْهَا السُّكْنَى فِي مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ سِوَاهُ، سَوَاءٌ بَذَلَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ غَيْرُهُمْ لِأَنَّهَا إنَّمَا يَلْزَمُهَا الِاعْتِدَادُ فِي بَيْتِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ، لَا فِي غَيْرِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا قُلْنَا لَهَا السُّكْنَى، فَتَعَذَّرَ سُكْنَاهَا فِي مَسْكَنِهَا وَبُذِلَ لَهَا سِوَاهُ. وَإِنْ طَلَبَتْ مَسْكَنًا سِوَاهُ، لَزِمَ الْوَرَثَةَ تَحْصِيلُهُ، بِأُجْرَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، إنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ تَرِكَةً تَفِي بِذَلِكَ، وَيُقَدَّمُ ذَلِكَ عَلَى الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَى الْمَيِّتِ، فَأَشْبَهَ الدَّيْنَ؛ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ، ضَرَبَتْ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ مَعَ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا مُسَاوٍ لِحُقُوقِ الْغُرَمَاءِ، وَتَسْتَأْجِرُ بِمَا يُصِيبُهَا مَوْضِعًا تَسْكُنُهُ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُطَلَّقَةِ إذَا حُجِرَ عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَإِنَّهَا تَضْرِبُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ لِمُدَّةِ الْعِدَّةِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، إذَا كَانَتْ حَامِلًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا قَدَّمْتُمْ حَقَّ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ حَقَّهَا ثَبَتَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا، فَشَارَكْت الْغُرَمَاءَ فِيهِ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمُفْلِسُ مَالًا لَإِنْسَانٍ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ، وَهِيَ فِي مَسْكَنِهِ، لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَسْكَنِ، قَبْلَ تَعَلُّقِ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ بِعَيْنِهِ، فَكَانَ حَقُّهَا مُقَدَّمًا كَحَقِّ الْمُرْتَهِنِ. وَإِنْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَ هَذَا الْمَسْكَنِ، وَتُتْرَكُ السُّكْنَى لَهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى إذَا كَانَتْ حَامِلًا، وَمُدَّةُ الْحَمْلِ مَجْهُولَةٌ، فَتَصِيرُ كَمَا لَوْ بَاعَهَا وَاسْتَثْنَى نَفْعَهَا مُدَّةً مَجْهُولَةً. وَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ قِسْمَةَ مَسْكَنِهَا عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ بِهَا فِي السُّكْنَى، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ.
وَإِنْ أَرَادُوا التَّعْلِيمَ بِخُطُوطٍ، مِنْ غَيْرِ نَقْضٍ وَلَا بِنَاءٍ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِيهِ. (٦٣٩٦) فَصْلٌ: وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهَا تَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ مُدَّةِ عِدَّتِهَا. فَإِنَّهَا تَضْرِبُ بِمُدَّةِ عَادَتِهَا فِي وَضْعِ الْحَمْلِ، إنْ كَانَتْ حَامِلًا، وَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً مِنْ ذَوَاتِ الْقُرُوءِ، وَقُلْنَا: لَهَا السُّكْنَى. ضَرَبَتْ بِمُدَّةِ عَادَتِهَا فِي الْقُرُوءِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا عَادَةٌ، ضَرَبَتْ بِغَالِبِ عَادَاتِ النِّسَاءِ، وَهُوَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، لِكُلِّ قُرْءٍ شَهْرٌ، أَوْ بِمَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ، إنْ كَانَ قَدْ مَضَى مِنْ مُدَّةِ حَمْلِهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَأْخِيرُ الْقِسْمَةِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، فَإِذَا ضَرَبَتْ بِذَلِكَ، فَوَافَقَ الصَّوَابَ، فَلَمْ تَزِدْ وَلَمْ تَنْقُصْ، اسْتَقَرَّ الْحُكْمُ، وَتَسْتَأْجِرُ بِمَا يَحْصُلُ لَهَا مَكَانًا تَسْكُنُهُ.
وَإِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ، سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ. وَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ أَقَلَّ مِمَّا ضَرَبَتْ بِهِ، مِثْلَ إنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ تَرَبَّصَتْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فِي شَهْرَيْنِ، فَعَلَيْهَا رَدُّ الْفَضْلِ وَتَضْرِبُ فِيهِ بِحِصَّتِهَا مِنْهُ. وَإِنْ طَالَتْ الْعِدَّةُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، مِثْلَ ذَلِكَ مِثْلَ إنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا فِي عَامٍ، أَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فِي نِصْفِ عَامٍ، رَجَعَتْ بِذَلِكَ عَلَى الْغُرَمَاءِ، كَمَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute