إحْدَاهُمَا، لَا يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُوسٌ، وَالْحَسَنُ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُد. وَالثَّانِيَةُ يَجِبُ لَهَا ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: ١] .
وَقَالَ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] . فَأَوْجَبَ لَهُنَّ السُّكْنَى مُطْلَقًا، ثُمَّ خَصَّ الْحَامِلَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا. وَلَنَا مَا رَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، «أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ، فَتَسَخَّطَتْهُ، فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ. فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى. فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا عُمَرُ، وَقَالَ مَا كُنَّا لِنَدَعَ كِتَابَ رَبِّنَا، وَسُنَّةَ نَبِيَّنَا، لِقَوْلِ امْرَأَةٍ، لَا نَدْرِي أَصَدَقَتْ أَمْ كَذَبَتْ.
وَقَالَ عُرْوَةُ: لَقَدْ عَابَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ أَشَدَّ الْعَيْبِ،؟ وَقَالَ: إنَّهَا كَانَتْ فِي مَكَان وَحْشٍ، فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا.؟ وَقَالَ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتْ النَّاسَ، إنَّهَا كَانَتْ لَسِنَةً، فَوُضِعَتْ عَلَى يَدَيْ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى. قُلْنَا: أَمَّا مُخَالَفَةُ الْكِتَابِ، فَإِنَّ فَاطِمَةَ لَمَّا أَنْكَرُوا عَلَيْهَا، قَالَتْ: بَيْنِي وَبَيْنكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، قَالَ اللَّه تَعَالَى: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] . فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلَاثِ؟ فَكَيْفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute