وَهَذَا يُحْكَى عَنْ اللَّيْثِ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا قَطْعَ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا قَطْعَ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا.» وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: تُقْطَعُ الْيَدُ فِي دِرْهَمٍ، فَمَا فَوْقَهُ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ الْيَدَ تُقْطَعُ فِي أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا. وَعَنْ عُمَرَ أَنَّ الْخَمْسَ لَا تُقْطَعُ إلَّا فِي الْخَمْسِ. وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ.
وَقَالَ أَنَسٌ: قَطَعَ أَبُو بَكْرٍ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ. رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ بِإِسْنَادِهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي دِينَارٍ، أَوْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ؛ لِمَا رَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا قَطْعَ إلَّا فِي عَشْرَةِ دَرَاهِمَ» . وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ: «قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَ رَجُلٍ فِي مِجَنٍّ، قِيمَتُهُ دِينَارٌ، أَوْ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ» . وَعَنْ النَّخَعِيِّ: لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ، لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ. وَحَدِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ يَرْوِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَاَلَّذِي يَرْوِيهِ عَنْ الْحَجَّاجِ ضَعِيفٌ أَيْضًا. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِمَا دُونَهُ، فَإِنَّ مَنْ أَوْجَبَ الْقَطْعَ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، أَوْجَبَهُ بِعَشْرَةٍ، وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْعَرْضَ يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الْمِجَنَّ قُوِّمَ بِهَا؛ وَلِأَنَّ مَا كَانَ الذَّهَبُ فِيهِ أَصْلًا، كَانَ الْوَرِقُ فِيهِ أَصْلًا، كَنُصُبِ الزَّكَاةِ، وَالدِّيَاتِ وَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ.
وَقَدْ رَوَى أَنَسٌ، أَنَّ سَارِقًا سَرَقَ مِجَنًّا مَا يَسُرُّنِي أَنَّهُ لِي بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، فَقَطَعَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَأُتِيَ عُثْمَانُ بِرَجُلٍ قَدْ سَرَقَ أُتْرُجَّةً، فَأَمَرَ بِهَا عُثْمَانُ فَأُقِيمَتْ، فَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا رُبْعَ دِينَارٍ، فَأَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ فَقُطِعَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute