وَإِنْ أَتَاكَ لَيْلًا، فَلَا تَنْتَظِرْ بِهِمْ نَهَارًا، حَتَّى تَبْعَثَ بِهِمْ إلَيَّ، لِئَلَّا يَفْتِنُوا عِبَادَ اللَّهِ. فَبَعَثَ بِهِمْ إلَى عُمَرَ، فَشَاوَرَ فِيهِمْ النَّاسَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: مَا تَرَى؟ فَقَالَ: أَرَى أَنَّهُمْ قَدْ شَرَّعُوا فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ فِيهِ، فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهَا حَلَالٌ، فَاقْتُلْهُمْ، فَقَدْ أَحَلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهَا حَرَامٌ، فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ، فَقَدْ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ. وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحَدِّ مَا يَفْتَرِي بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ.: فَحَدَّهُمْ عُمَرُ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَالْمُجْمَعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ عَصِيرُ الْعِنَبِ، إذَا اشْتَدَّ وَقَذَفَ زَبَدَهُ، وَمَا عَدَاهُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُسْكِرَةِ، فَهُوَ مُحَرَّمٌ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ نَذْكُرُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - (٧٣٣٧)
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ: (وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، جُلِدَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، إذَا شَرِبَهَا وَهُوَ مُخْتَارٌ لِشُرْبِهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ كَثِيرَهَا يُسْكِرُ) الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فُصُولٍ: (٧٣٣٨) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَهُوَ خَمْرٌ حُكْمُهُ حُكْمُ عَصِيرِ الْعِنَبِ فِي تَحْرِيمِهِ، وَوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى شَارِبِهِ. وَرُوِيَ تَحْرِيمُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَنَسٍ، وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْقَاسِمُ، وَقَتَادَةُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، فِي عَصِيرِ الْعِنَبِ إذَا طُبِخَ فَذَهَبَ ثُلُثَاهُ، وَنَقِيعِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ إذَا طُبِخَ وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ ثُلُثَاهُ، وَنَبِيذِ الْحِنْطَةِ، وَالذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ نَقِيعًا كَانَ أَوْ مَطْبُوخًا: كُلُّ ذَلِكَ حَلَالٌ، إلَّا مَا بَلَغَ السُّكْرَ، فَأَمَّا عَصِيرُ الْعِنَبِ إذَا اشْتَدَّ، وَقَذَفَ زَبَدَهُ، أَوَطُبِخَ فَذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ، وَنَقِيعُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ إذَا اشْتَدَّ بِغَيْرِ طَبْخٍ، فَهَذَا مُحَرَّمٌ، قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: «حُرِّمَتْ الْخَمْرَةُ لِعَيْنِهَا، وَالْمُسْكِرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ» وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد، وَالْأَثْرَمُ، وَغَيْرُهُمَا وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ. قَالَ: وَمَا أَسْكَرَ مِنْهُ الْفَرْقُ، فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute