سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ أَسْبَلَ إزَارَهُ فِي صَلَاتِهِ خُيَلَاءَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَامٍ» . وَيُكْرَهُ أَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ وَجْهَهُ أَوْ فَمَهُ. لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ.» وَهَلْ يُكْرَهُ التَّلَثُّمُ عَلَى الْأَنْفِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا، يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَرِهَهُ. وَالْأُخْرَى، لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْفَمِ بِالنَّهْيِ عَنْ تَغْطِيَتِهِ تَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ تَغْطِيَةِ غَيْرِهِ.
وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ الْمُزَعْفَرِ لِلرَّجُلِ، وَكَذَلِكَ الْمُعَصْفَرُ؛ لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا رَوَيَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى الرَّجُلَ عَنْ التَّزَعْفُرِ.» وَرَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «نَهَانِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لِبَاسِ الْمُعَصْفَرِ» . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو: «رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: إنَّ هَذَا مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهُمَا» . وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ، وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ» .
فَأَمَّا شَدُّ الْوَسَطِ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ بِمِنْطَقَةٍ أَوْ مِئْزَرٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ شَدِّ قَبَاءٍ، فَلَا يُكْرَهُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَأْتَزِرُ بِالْمِنْدِيلِ فَوْقَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ. وَإِنْ كَانَ بِخَيْطٍ أَوْ حَبْلٍ مَعَ سُرَّتِهِ وَفَوْقَهَا فَهَلْ يُكْرَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا، يُكْرَهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ، وَقَالَ: «لَا تَشْتَمِلُوا اشْتِمَالَ الْيَهُودِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ، أَلَيْسَ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ مُحْتَزِمٌ» . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ مُحْتَزِمٌ» . قَالَ: كَأَنَّهُ مَنْ شَدَّ الْوَسَطَ.
وَرَوَى الْخَلَّالُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ، شُدَّ حَقْوَكَ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ بِعِقَالٍ " وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ مِثْلُهُ
وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ لُبْسُهُ، وَالصَّلَاةُ فِيهِ. وَقَدْ اشْتَرَى عُمَرُ ثَوْبًا، فَرَأَى فِيهِ خَيْطًا أَحْمَرَ، فَرَدَّهُ وَقَدْ رَوَى أَبُو جُحَيْفَةَ قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute