الِانْتِفَاعُ بِمَا أَخَذَهُ، وَصَارَ أَحَقَّ بِهِ؛ لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ بَاعَ صَاعًا بِصَاعَيْنِ، وَافْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ.
وَإِنْ بَاعَهُ بِهِ نَسِيئَةً، أَوْ أَقْرَضَهُ إيَّاهُ، فَأَخَذَهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إيفَاؤُهُ، فَإِنْ وَفَّاهُ، أَوْ رَدَّهُ إلَيْهِ، عَادَتْ الْيَدُ إلَيْهِ، وَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ، فَالْبَيْعُ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهِ؛ لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ وَجَبَ رَدُّهُ إلَيْهِ.
(٧٥٥٥) فَصْلٌ: وَإِنْ وَجَدَ دُهْنًا، فَهُوَ كَسَائِرِ الطَّعَامِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مُغَفَّلٍ، وَلِأَنَّهُ طَعَامٌ، فَأَشْبَهَ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ.
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُولٍ، فَاحْتَاجَ أَنْ يَدْهُنَ بِهِ، أَوْ يَدْهُنَ دَابَّتَهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ جَوَازُهُ، إذَا كَانَ مِنْ حَاجَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي زَيْتِ الرُّومِ: إذَا كَانَ مِنْ ضَرُورَةٍ أَوْ صُدَاعٍ، فَلَا بَأْسَ، فَأَمَّا التَّزَيُّنُ، فَلَا يُعْجِبُنِي، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لَهُ دَهْنُ دَابَّتِهِ مِنْ جَرَبٍ وَلَا يُوَقِّحُهَا إلَّا بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ. وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ أَحْمَدَ مِثْلَ هَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِطَعَامٍ وَلَا عَلَفٍ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِصْلَاحِ نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ، أَشْبَهَ الطَّعَامَ وَالْعَلَفَ. وَلَهُ أَكْلُ مَا يَتَدَاوَى بِهِ، وَشُرْبُ الشَّرَابِ مِنْ الْجَلَّابِ وَالسَّكَنْجَبِينِ وَغَيْرِهِمَا، عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الطَّعَامِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَيْسَ لَهُ تَنَاوُلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقُوتِ، وَلَا يَصْلُحُ بِهِ الْقُوتُ، وَلِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَلَا يُبَاحُ مَعَ وُجُودِهَا، كَغَيْرِ الطَّعَامِ. وَلَنَا، أَنَّهُ طَعَامٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، أَشْبَهَ الْفَوَاكِهَ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِالْفَاكِهَةِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا الْحَاجَةَ هَاهُنَا، لِأَنَّ هَذَا لَا يُتَنَاوَلُ فِي الْعَادَةِ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
(٧٥٥٦) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: وَلَا يَغْسِلُ ثَوْبَهُ بِالصَّابُونِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِطَعَامٍ وَلَا عَلَفٍ، وَيُرَادُ لِلتَّحْسِينِ وَالزِّينَةِ، فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَاهُمَا.
وَلَوْ كَانَ مَعَ الْغَازِي فَهْدٌ أَوْ كَلْبُ الصَّيْدِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إطْعَامُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ أَطْعَمَهَا غَرِمَ قِيمَةَ مَا أَطْعَمَهَا؛ لِأَنَّ هَذَا يُرَادُ لِلتَّفَرُّجِ وَالزِّينَةِ، وَلَيْسَ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْغَزْوِ، بِخِلَافِ الدَّوَابِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute