للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي، أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الْإِصَابَةِ مَعْلُومًا، فَيَقُولَانِ: الرِّشْقُ عِشْرُونَ، وَالْإِصَابَةُ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ، أَوْ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْهَا، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ إصَابَةٍ نَادِرَةٍ، كَإِصَابَةِ جَمِيعِ الرَّشْقِ أَوْ إصَابَةِ تِسْعَةِ أَعْشَارِهِ، وَنَحْوِ هَذَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا لَا يُوجَدُ، فَيَفُوتُ الْغَرَضُ. الثَّالِثُ، اسْتِوَاؤُهُمَا فِي عَدَدِ الرَّشْقِ وَالْإِصَابَةِ، وَصِفَتِهَا، وَسَائِرِ أَحْوَالِ الرَّمْيِ.

فَإِنْ جَعَلَا رَشْقَ أَحَدِهِمَا عَشَرَةً، وَالْآخَرِ عِشْرِينَ، أَوْ شَرَطَا أَنْ يُصِيبَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً، وَالْآخَرُ ثَلَاثَةً، أَوْ شَرَطَا إصَابَةَ أَحَدِهِمَا خَوَاسِقَ وَالْآخَرِ خَوَاصِلَ، أَوْ شَرَطَا أَنْ يَحُطَّ أَحَدُهُمَا مِنْ إصَابَتِهِ سَهْمَيْنِ، أَوْ يَحُطَّ سَهْمَيْنِ مِنْ إصَابَتِهِ بِسَهْمٍ مِنْ إصَابَةِ صَاحِبِهِ، أَوْ شَرَطَا أَنْ يَرْمِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ بُعْدٍ، وَالْآخَرُ مِنْ قُرْبٍ، أَوْ أَنْ يَرْمِيَ أَحَدُهُمَا وَبَيْنَ أَصَابِعِهِ سَهْمٌ، وَالْآخَرُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ سَهْمَانِ، أَوْ أَنْ يَرْمِيَ أَحَدُهُمَا وَعَلَى رَأْسِهِ شَيْءٌ وَالْآخَرُ خَالٍ عَنْ شَاغِلٍ، أَوْ أَنْ يَحُطَّ عَنْ أَحَدِهِمَا وَاحِدًا مِنْ خَطَئِهِ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَأَشْبَاهِ هَذَا مِمَّا تَفُوتُ بِهِ الْمُسَاوَاةُ، لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ، وَالْغَرَضُ مَعْرِفَةُ الْحِذْقِ، وَزِيَادَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِيهِ، وَمَعَ التَّفَاضُلِ لَا يَحْصُلُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَصَابَ أَحَدُهُمَا لِكَثْرَةِ رَمْيِهِ لَا لِحِذْقِهِ، فَاعْتُبِرَتْ الْمُسَاوَاةُ، كَالْمُسَابَقَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ.

الرَّابِعُ، أَنْ يَصِفَا الْإِصَابَةَ، فَيَقُولَانِ: خَوَاصِلُ. وَهُوَ الْمُصِيبُ لِلْغَرَضِ كَيْفَمَا كَانَ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يُقَالُ خَصَلْت مُنَاضِلِي خَصْلَةً وَخُصَلًا. وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْقَرَعَ. وَالْقَرْطَسَةَ، يُقَالُ: قَرْطَسَ. إذَا أَصَابَ. أَوْ حَوَابِي. وَهُوَ مَا وَقَعَ بَيْنَ يَدَيْ الْغَرَضِ، ثُمَّ وَثَبَ إلَيْهِ. وَمِنْهُ يُقَالُ: حَبَا الصَّبِيُّ. أَوْ خَوَاصِرُ. وَهُوَ مَا وَقَعَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْغَرَضِ، وَمِنْهُ قِيلَ: الْخَاصِرَةُ. لِأَنَّهَا فِي جَانِبِ الْإِنْسَانِ. أَوْ خَوَارِقُ. وَهُوَ مَا خَرَقَ الْغَرَضَ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ. أَوْ خَوَاسِقُ وَهُوَ مَا خَرَقَ الْغَرَضَ، وَثَبَتَ فِيهِ. أَوْ مَوَارِقُ. وَهُوَ مَا أَنْفَذَ الْغَرَضَ، وَوَقَعَ مِنْ وَرَائِهِ. أَوْ خَوَازِمُ. وَهُوَ مَا خَزَمَ جَانِبَ الْغَرَضِ.

وَإِنْ شَرَطَا الْخَوَاسِقَ وَالْحَوَابِيَ مَعًا، صَحَّ. الْخَامِسُ، قَدْرُ الْغَرَضِ، وَالْغَرَضُ هُوَ مَا يُقْصَدُ إصَابَتُهُ مِنْ قِرْطَاسٍ أَوْ وَرَقٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ قَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُسَمَّى غَرَضًا؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ، وَيُسَمَّى شَارَةً وَشَنًّا. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: مَا نُصِبَ فِي الْهَدَفِ فَهُوَ الْقِرْطَاسُ، وَمَا نُصِبَ فِي الْهَوَاءِ فَهُوَ الْغَرَضُ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَدْرُهُ مَعْلُومًا بِالْمُشَاهَدَةِ، أَوْ بِتَقْدِيرِهِ بِشِبْرٍ أَوْ شِبْرَيْنِ، بِحَسَبِ الِاتِّفَاقِ، فَإِنَّ الْإِصَابَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ سَعَتِهِ وَضِيقِهِ.

السَّادِسُ. مَعْرِفَةُ الْمَسَافَةِ؛ إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ، أَوْ بِالذُّرْعَانِ، فَيَقُولُ: مِائَةَ ذِرَاعٍ؛ أَوْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ؛ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ تَخْتَلِفُ بِقُرْبِهَا وَبُعْدِهَا، وَمَهْمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ جَازَ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَا مَسَافَةً بَعِيدَةً تَتَعَذَّرُ الْإِصَابَةُ فِي مِثْلِهَا، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَفُوتُ بِذَلِكَ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ مَا رَمَى إلَى أَرْبَعِمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَّا عُقْبَهُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>