للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَبَتَ لَهُ عُرْفُ الشَّرْعِ وَالِاسْتِعْمَالِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: ٧٢] .

وَقَالَ النَّابِغَةُ:

فَلَا لَعَمْرُ الَّذِي قَدْ زُرْتُهُ حِجَجًا ... وَمَا أُرِيقَ عَلَى الْأَنْصَابِ مِنْ جَسَدِ

وَقَالَ آخَرُ:

إذَا رَضِيَتْ كِرَامُ بَنِي قُشَيْرٍ ... لَعَمْرُ اللَّهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا

وَقَالَ آخَرُ:

وَلَكِنْ لَعَمْرُ اللَّهِ مَا ظَلَّ مُسْلِمًا ... كَغُرِّ الثَّنَايَا وَاضِحَاتِ الْمَلَاغِمِ

وَهَذَا فِي الشِّعْرِ، وَالْكَلَامِ كَثِيرٌ.

وَأَمَّا احْتِيَاجُهُ إلَى التَّقْدِيرِ، فَلَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّ اللَّفْظَ إذَا اشْتَهَرَ فِي الْعُرْفِ، صَارَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْعُرْفِيَّةِ، يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دُونَ مَوْضُوعِهِ الْأَصْلِيِّ، عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ سَائِرِ الْأَسْمَاءِ الْعُرْفِيَّةِ، وَمَتَى احْتَاجَ اللَّفْظُ إلَى التَّقْدِيرِ، وَجَبَ التَّقْدِيرُ لَهُ، وَلَمْ يَجُزْ اطِّرَاحُهُ، وَلِهَذَا يُفْهَمُ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعٍ عَلَى نِيَّةِ قَائِلِهِ وَقَصْدِهِ، كَمَا يُفْهَمُ أَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ بِهَذَا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ الْقَسَمُ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْقَسَمِ بِغَيْرِ حَرْفِ الْقَسَمِ فِي أَشْعَارِهِمْ الْقَسَمُ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ:

فَقُلْت يَمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قَاعِدًا

وَيُفْهَمُ مِنْ الْقَسَمِ الَّذِي حُذِفَ فِي جَوَابِهِ حَرْفُ " لَا " أَنَّهُ مُقَدَّرٌ مُرَادٌ، كَهَذَا الْبَيْتِ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢]-. {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة: ٩٣] . التَّقْدِيرُ، فَكَذَا هَاهُنَا.

وَإِنْ قَالَ: عَمْرَك اللَّهَ كَمَا فِي قَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>