هَذَا الصَّبِيَّ. فَصَارَ شَيْخًا، وَلَا آكُلُ هَذَا الْحَمَلَ. فَصَارَ كَبْشًا. أَوْ لَا آكُلُ هَذَا الرُّطَبَ. فَصَارَ دِبْسًا، أَوْ خَلًّا، أَوْ نَاطِفًا، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْحَلْوَاءِ. وَلَا يَأْكُلُ هَذِهِ الْحِنْطَةَ، فَصَارَتْ دَقِيقًا، أَوْ سَوِيقًا، أَوْ خُبْزًا، أَوْ هَرِيسَةً. أَوْ: لَا أَكَلْت هَذَا الْعَجِينَ، أَوْ هَذَا الدَّقِيقَ. فَصَارَ خُبْزًا. أَوْ: لَا أَكَلْت هَذَا اللَّبَنَ. فَصَارَ سَمْنًا، أَوْ جُبْنًا، أَوْ كُشْكًا. أَوْ: لَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ. فَصَارَتْ مَسْجِدًا، أَوْ حَمَّامًا، أَوْ فَضَاءً، ثُمَّ دَخَلَهَا أَوْ أَكَلَهُ، حَنِثَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، فِيمَا إذَا حَلَفَ: لَا كَلَّمْت هَذَا الصَّبِيَّ. فَصَارَ شَيْخًا. وَلَا أَكَلْت هَذَا الْحَمَلَ. فَصَارَ كَبْشًا. وَلَا: دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ. فَدَخَلَهَا بَعْدَ تَغَيُّرِهَا. وَقَالَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ، فِي الْحِنْطَةِ إذَا صَارَتْ دَقِيقًا. وَلِلشَّافِعِيِّ فِي الرُّطَبِ إذَا صَارَ تَمْرًا، وَالصَّبِيِّ إذَا صَارَ شَيْخًا، وَالْحَمَلِ إذَا صَارَ كَبْشًا، وَجْهَانِ. وَقَالُوا فِي سَائِرِ الصُّوَرِ: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَصُورَتَهُ زَالَتْ، فَلَمْ يَحْنَثْ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الْبَيْضَةَ، فَصَارَتْ فَرْخًا.
وَلَنَا، أَنَّ عَيْنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بَاقِيَةٌ، فَحَنِثَ بِهَا، كَمَا لَوْ حَلَفَ: لَا أَكَلَتْ هَذَا الْحَمَلَ. فَأَكَلَ لَحْمَهُ. أَوْ: لَا لَبِسْت هَذَا الْغَزْلَ. فَصَارَ ثَوْبًا، فَلَبِسَهُ. أَوْ: لَا لَبِسْت هَذَا الرِّدَاءَ. فَلَبِسَهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ قَمِيصًا أَوْ سَرَاوِيلَ.
وَفَارَقَ الْبَيْضَةَ إذَا صَارَتْ فَرْخًا؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَهَا اسْتَحَالَتْ، فَصَارَتْ عَيْنًا أُخْرَى، وَلَمْ تَبْقَ عَيْنُهَا، وَلِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالِاسْمِ مَعَ التَّعْيِينِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ: لَا كَلَّمْت زَيْدًا هَذَا. فَغَيَّرَ اسْمَهُ. أَوْ: لَا كَلَّمْت صَاحِبَ هَذَا الطَّيْلَسَانِ. فَكَلَّمَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ. وَلِأَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ التَّعْيِينُ مَعَ غَيْرِهِ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ، كَانَ الْحُكْمُ لِلتَّعْيِينِ، كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْإِضَافَةِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ، تَبَدَّلَتْ الْإِضَافَةُ، مِثْلَ أَنْ حَلَفَ: لَا كَلَّمْت زَوْجَةَ زَيْدٍ هَذِهِ، وَلَا عَبْدَهُ هَذَا، وَلَا دَخَلْت دَارِهِ هَذِهِ. فَطَلَّقَ الزَّوْجَةَ، وَبَاعَ الْعَبْدَ وَالدَّارَ، فَكَلَّمَهُمَا، وَدَخَلَ الدَّارَ، حَنِثَ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدٌ، وَزُفَرُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ: لَا يَحْنَثُ، إلَّا فِي الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تُوَالَى وَلَا تُعَادَى، وَإِنَّمَا الِامْتِنَاعُ لِأَجْلِ مَالِكِهَا، فَتَعَلَّقَتْ الْيَمِينُ بِهَا، مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ فِي الْغَالِبِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ فِي الْيَمِينِ التَّعْيِينُ وَالْإِضَافَةُ، كَانَ الْحُكْمُ لِلتَّعْيِينِ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت زَوْجَةَ فُلَانٍ، وَلَا صَدِيقَهُ. وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَصِحُّ فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ يُوَالِي وَيُعَادِي، وَيَلْزَمُهُ فِي الدَّارِ إذَا أَطْلَقَ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكَهَا، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا بَعْدَ بَيْعِ مَالِكِهَا إيَّاهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute