للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ.» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَالَ «لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ: «لَا نَذْرَ إلَّا مَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» . وَلَمْ يَأْمُرْ بِكَفَّارَةٍ. «وَلَمَّا نَذَرَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَتْ مَعَ الْكُفَّارِ، فَنَجَتْ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَنْحَرَهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي نَذَرْت إنْ أَنْجَانِي اللَّهُ عَلَيْهَا أَنْ أَنْحَرَهَا؟ قَالَ: بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا، لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِكَفَّارَةٍ «. وَقَالَ لِأَبِي إسْرَائِيلَ حِينَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ، وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ: مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَجْلِسْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلِيُتِمَّ صَوْمَهُ.» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِكَفَّارَةٍ.

لِأَنَّ النَّذْرَ الْتِزَامُ الطَّاعَةِ، وَهَذَا الْتِزَامُ مَعْصِيَةٍ، وَلِأَنَّهُ نَذْرٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ، فَلَمْ يُوجِبْ شَيْئًا، كَالْيَمِينِ غَيْرِ الْمُنْعَقِدَةِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، مَا رَوَتْ عَائِشَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي " مُسْنَدِهِ "، وَأَبُو دَاوُد، فِي " سُنَنِهِ ". وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُهُ.

رَوَى الْجُوزَجَانِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «النَّذْرُ نَذْرَانِ؛ فَمَا كَانَ مِنْ نَذْرٍ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، فَذَلِكَ لِلَّهِ، وَفِيهِ الْوَفَاءُ، وَمَا كَانَ مِنْ نَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَلَا وَفَاءَ فِيهِ، وَيُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ.» وَهَذَا نَصٌّ. وَلِأَنَّ النَّذْرَ يَمِينٌ، بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «النَّذْرُ حَلْفَةٌ» «. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُخْتِ عُقْبَةَ، لَمَّا نَذَرَتْ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، فَلَمْ تُطِقْهُ: تُكَفِّرُ يَمِينَهَا.» صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَفِي رِوَايَةٍ: " وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ". قَالَ أَحْمَدُ: إلَيْهِ أَذْهَبُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الَّتِي نَذَرَتْ ذَبْحَ ابْنِهَا: كَفِّرِي يَمِينَك.

وَلَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ مَعْصِيَةٍ، لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، فَكَذَلِكَ إذَا نَذَرَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>