للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَتَبَ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ شَاهِدَانِ، كَانَ أَوْكَدَ. وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ عَلَى رَأْسِ الْمَحْضَرِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَوَ مَا أَحَبَّ مِنْ ذَلِكَ.

فَأَمَّا إنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، قَالَ: فَادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا، فَأَنْكَرَ، فَسَأَلَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعِيَ: أَلِك بَيِّنَةٌ؟ فَأَحْضَرَهَا، وَسَأَلَ الْحَاكِمُ سَمَاعَهَا فَفَعَلَ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَحْضَرًا بِمَا جَرَى، فَأَجَابَهُ إلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي وَقْتِ كَذَا.

وَيَحْتَاجُ هَاهُنَا أَنْ يَذْكُرَ: بِمَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ. بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُسْمَعُ إلَّا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَالْإِقْرَارُ بِخِلَافِهِ. وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ فِي آخِرِ الْمَحْضَرِ: شَهِدَا عِنْدِي بِذَلِكَ.

فَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي كِتَابٌ فِيهِ خَطُّ الشَّاهِدِ كَتَبَ تَحْتَ خُطُوطِهِمَا أَوْ تَحْت خَطِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: شَهِدَ عِنْدِي بِذَلِكَ. وَيَكْتُبُ عَلَامَتَهُ فِي رَأْسِ الْمَحْضَرِ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ دُونَ الْمَحْضَرِ، جَازَ. فَأَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ، فَاسْتَحْلَفَ الْمُنْكِرَ، ثُمَّ سَأَلَ الْمُنْكِرُ الْحَاكِمَ مَحْضَرًا لِئَلَّا يَحْلِفَ فِي ذَلِكَ ثَانِيًا، كَتَبَ لَهُ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ، إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: فَأَنْكَرَ، فَسَأَلَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعِيَ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ فَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَقَالَ: لَك يَمِينُهُ. فَسَأَلَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ، فَاسْتَحْلَفَهُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ، فِي وَقْتِ كَذَا وَكَذَا.

وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ تَحْلِيفِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَيُعْلَمُ فِي أَوَّلِهِ خَاصَّةً. وَإِنْ نَكِلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ، قَالَ: فَعُرِضَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَنَكِلَ عَنْهَا، فَسَأَلَ خَصْمُهُ الْحَاكِمَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ، فَقَضَى عَلَيْهِ فِي وَقْتِ كَذَا. وَيُعْلِمُ فِي آخِرِهِ، وَيَذْكُرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ. فَهَذِهِ صِفَةُ الْمَحْضَرِ.

فَأَمَّا إنْ سَأَلَ صَاحِبُ الْحَقِّ الْحَاكِمَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِمَا ثَبَتَ فِي الْمَحْضَرِ، لَزِمَهُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِهِ، وَيَنْفُذَهُ، فَيَقُولَ: حَكَمْت لَهُ بِهِ، أَلْزَمْته الْحَقَّ، أَنْفَذَتْ الْحُكْمَ بِهِ. فَإِنْ طَلَبَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ عَلَى حُكْمِهِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ، لِتَحْصُلَ لَهُ الْوَثِيقَةُ بِهِ. فَإِنْ طَالَبَهُ أَنْ يُسَجِّلَ لَهُ بِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ فِي الْمَحْضَرِ وَيَشْهَدَ عَلَى إنْقَاذِهِ، سَجَّلَ لَهُ.

وَفِي وُجُوبِ ذَلِكَ، الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي الْمَحْضَرِ. وَهَذِهِ صُورَةُ السِّجِلِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ، قَاضِي عَبْدِ اللَّهِ الْإِمَامِ، عَلَى كَذَا وَكَذَا فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ، فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فِي وَقْتِ كَذَا وَكَذَا، أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَنَسَبِهِمَا، وَقَدْ عَرَفَهُمَا بِمَا سَاغَ لَهُ بِهِ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا عِنْدَهُ بِمَا فِي كِتَابٍ نَسَخَهُ وَيَنْسَخُ الْكِتَابَ إنْ كَانَ مَعَهُ، أَوْ الْمَحْضَرَ فِي أَيِّ حُكْمٍ كَانَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَحَكَمَ بِهِ، فَأَنْفَذَهُ وَأَمْضَاهُ، بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِهِ.

وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ بِمَحْضَرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَهُ احْتِيَاطًا، قَالَ: بَعْدَ أَنْ حَضَرَهُ مَنْ سَاغَ لَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ. وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ بِالسِّجِلِّ وَالْمَحْضَرِ نُسْخَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، تَكُونُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْحَقِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>