وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَانَ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ يَقْعُدَانِ فِي الشَّيْءِ يُقَامُ فِيهِ، وَيَقُومَانِ فِي الشَّيْءِ يُقْعَدُ فِيهِ، فَلَا يَسْجُدَانِ. وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» وَقَالَ: «إذَا زَادَ الرَّجُلُ أَوْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ السَّلَامِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّهُ سَهْوٌ فَسَجَدَ لَهُ كَغَيْرِهِ، مَعَ مَا نَذْكُرُهُ فِي تَفْصِيلِ الْمَسَائِلِ.
فَأَمَّا الْقِيَامُ فِي مَوْضِعِ الْجُلُوسِ، فَفِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: إحْدَاهَا، أَنْ يَتْرُكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَيَقُومَ،، وَفِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ (٩٠٣) الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، ذِكْرُهُ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ قَائِمًا، فَيَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إلَى التَّشَهُّدِ. وَمِمَّنْ قَالَ يَجْلِسُ عَلْقَمَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ فَارَقَتْ أَلْيَتَاهُ الْأَرْضَ مَضَى. وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ: إذَا تَجَافَتْ رُكْبَتَاهُ عَنْ الْأَرْضِ مَضَى.
وَلَنَا، مَا رَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَلَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، فَإِذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا، فَلَا يَجْلِسْ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ. وَلِأَنَّهُ أَخَلَّ بِوَاجِبٍ ذَكَرَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي رُكْنٍ مَقْصُودٍ. فَلَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ تُفَارِقْ أَلْيَتَاهُ الْأَرْضَ.
(٩٠٤) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: ذِكْرُهُ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ قَائِمًا، وَقَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْقِرَاءَةِ، فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَجْلِسَ، وَإِنْ جَلَسَ جَازَ. نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ. النَّخَعِيُّ: يَرْجِعُ مَا لَمْ يَسْتَفْتِحْ الْقِرَاءَةَ وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: إنْ ذَكَرَ سَاعَةَ يَقُومُ جَلَسَ. وَلَنَا، حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ، وَمَا نَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ؛ وَلِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي رُكْنٍ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ الرُّجُوعُ، كَمَا لَوْ ذَكَرَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَلِأَنَّهُ شَرَعَ فِي رُكْنٍ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ، كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ (٩٠٥) الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، ذَكَرَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْقِرَاءَةِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ، وَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عُمَرُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ الْحَسَنُ. يَرْجِعُ مَا لَمْ يَرْكَعْ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ. وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ: أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ الْجُلُوسُ، فَسُبِّحَ بِهِ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ، حَتَّى إذَا جَلَسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute