لَهُمَا. وَإِنْ أَنْكَرَاهُ، وَكَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِدَعْوَاهُ ثَبَتَتْ الْكِتَابَةُ، وَعَتَقَ بِالْأَدَاءِ إلَيْهِمَا. وَإِنْ عَجَزَ، فَلَهُمَا رَدُّهُ إلَى الرِّقِّ. وَإِنْ لَمْ يُعَجِّزَاهُ، وَصَبَرَا عَلَيْهِ، لَمْ يَمْلِكْ الْفَسْخَ. وَإِنْ عَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا، وَأَبَى الْآخَرُ تَعْجِيزَهُ، بَقِيَ نِصْفُهُ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَعَادَ نِصْفُهُ الْآخَرُ رَقِيقًا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا مَعَ أَيْمَانِهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ، وَعَدَمُ الْكِتَابَةِ، وَتَكُونُ أَيْمَانُهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَيَحْلِفَانِ بِاَللَّهِ أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ أَنَّ أَبَاهُمَا كَاتَبَهُ، لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، فَإِنْ حَلَفَا، ثَبَتَ رِقُّهُ، وَإِنْ نَكَلَا، قُضِيَ عَلَيْهَا، أَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، عَلَى قَوْلِ مَنْ قَضَى بِرَدِّهَا، فَيَحْلِفُ الْعَبْدُ، وَتَثْبُتُ الْكِتَابَةُ. وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا، وَنَكَلَ الْآخَرُ، قُضِيَ بِرِقِّ نِصْفِهِ، وَكِتَابَةِ نِصْفِهِ.
وَإِنْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ ثَبَتَتْ الْكِتَابَةُ فِي نِصْفِهِ، وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فِي نِصْفِهِ الْآخَرِ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَحَلَفَ الْمُنْكِرُ، صَارَ نِصْفُهُ مُكَاتَبًا، وَنِصْفُهُ رَقِيقًا قِنًّا. فَإِنْ شَهِدَ الْمُقِرُّ عَلَى أَخِيهِ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ بِهَا إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا، وَلَا يَدْفَعُ بِهَا ضَرَرًا، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَاهِدٌ آخَرُ كَمُلَتْ الشَّهَادَةُ، وَثَبَتَتْ الْكِتَابَةُ فِي جَمِيعِهِ. وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَهَلْ يَحْلِفُ الْعَبْدُ مَعَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا، أَوْ لَمْ يَحْلِفْ الْعَبْدُ مَعَهُ، وَحَلَفَ الْمُنْكِرُ، كَانَ نِصْفُهُ مُكَاتَبًا، وَنِصْفُهُ رَقِيقًا، وَيَكُونُ كَسْبُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْكِرِ نِصْفَيْنِ، وَنَفَقَتُهُ مِنْ كَسْبِهِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى مَالِكِ نِصْفِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ كَانَ عَلَى الْمُنْكِرِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ، ثُمَّ إنْ اتَّفَقَ هُوَ وَمَالِكُ نِصْفِهِ عَلَى الْمُهَايَأَةِ مُعَاوَمَةً أَوْ مُشَاهَرَةً، أَوْ كَيْفَمَا كَانَ، جَازَ.
وَإِنْ طَلَبَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا حِيَازَةَ نَصِيبِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، لَزِمَ الْآخَرَ إجَابَتُهُ، كَالْأَعْيَانِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْبَرَ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ تَأْخِيرُ حَقِّهِ الْحَالِّ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا، فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَيْهِ كَتَأْخِيرِ دَيْنِهِ الْحَالِّ. فَإِنْ اقْتَسَمَا الْكَسْبَ مُهَايَأَةً، أَوْ مُنَاصَفَةً، فَلَمْ يَفِ بِأَدَاءِ نُجُومِهِ فَلِلْمُقِرِّ رَدُّهُ، فِي الرِّقِّ، وَمَا فِي يَدِهِ لَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ قَدْ أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الْكَسْبِ.
وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُنْكِرُ وَالْمُقِرُّ فِيمَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ، فَقَالَ الْمُنْكِرُ: هَذَا كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ دَعْوَى الْكِتَابَةِ وَكَسَبَهُ فِي حَيَاةِ أَبِينَا. وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُقِرُّ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ يَدَّعِي كَسْبَهُ فِي وَقْتٍ، الْأَصْلُ عَدَمُهُ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ هُوَ وَالْمُكَاتَبُ فِي ذَلِكَ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكَاتَبِ، فَكَذَلِكَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ. وَإِنْ أَدَّى الْكِتَابَةَ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ خَاصَّةً، وَلَمْ يَسْرِ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ الْعِتْقَ، وَلَمْ يَتَسَبَّبْ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ السَّبَبُ مِنْ أَبِيهِ، وَهَذَا حَاكٍ عَنْ أَبِيهِ، مُقِرٌّ بِفِعْلِهِ، فَهُوَ كَالشَّاهِدِ، وَلِأَنَّ الْمُقِرَّ يَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَ أَخِيهِ حُرٌّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَ مِنْ الْعَبْدِ مِثْلَ مَا قَبَضَ، فَقَدْ حَصَلَ أَدَاءُ مَالِ الْكِتَابَةِ إلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَعَتَقَ كُلُّهُ بِذَلِكَ، وَوَلَاءُ هَذَا النِّصْفِ لِلْمُقِرِّ لِأَنَّ أَخَاهُ لَا يَدَّعِيهِ وَهَذَا الْمُقِرُّ يَدَّعِي أَنَّهُ كُلَّهُ قَدْ عَتَقَ بِالْكِتَابَةِ، وَهَذَا الْوَلَاءُ الَّذِي عَلَى هَذَا النِّصْفِ نَصِيبِي مِنْ الْوَلَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute