للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخِرِهَا. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ نَجْمًا مِنْ نُجُومِهِ. فَلَهُمْ أَنْ يَضَعُوا أَيَّ نَجْمٍ شَاءُوا، كَمَا لَوْ قَالَ: ضَعُوا أَيَّ نَجْمٍ شِئْتُمْ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ نُجُومُهُ مُتَّفِقَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ وَاحِدًا مِنْهَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَيَّ نَجْمٍ شَاءَ. كَانَ ذَلِكَ إلَى مَشِيئَتِهِ، فَيَلْزَمُهُمْ وَضْعُ النَّجْمِ الَّذِي يَخْتَارُ وَضْعَهُ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ جَعَلَ الْمَشِيئَةَ لَهُ. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَكْبَرَ نُجُومِهِ. لَزِمَهُمْ أَنْ يَضَعُوا أَكْبَرَهَا مَالًا؛ لِأَنَّهُ أَكْبَرُهَا قَدْرًا.

وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ نُجُومِهِ. لَزِمَهُمْ أَنْ يَضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الشَّيْءِ يَزِيدُ عَلَى نِصْفِهِ، فَإِذَا كَانَتْ نُجُومُهُ خَمْسَةً، وَضَعُوا ثَلَاثَةً، وَإِنْ كَانَتْ سِتَّةً، وَضَعُوا أَرْبَعَةً. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنْصَرِفَ ذَلِكَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا أَكْبَرُهَا مَالًا، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: أَكْبَرَ نُجُومِهِ. فَإِنْ كَانَتْ نُجُومُهُ مُتَسَاوِيَةً، تَعَيَّنَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَوْسَطَ نُجُومِهِ. فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا وَسَطٌ وَاحِدٌ، تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، مِثْلَ أَنْ تَكُونَ نُجُومُهُ مُتَسَاوِيَةَ الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ، وَعَدَدُهَا مُنْفَرِدٌ، فَيَتَعَيَّنُ وَضْعُ أَوْسَطِهَا عَدَدًا، فَإِذَا كَانَتْ خَمْسَةً، فَالْأَوْسَطُ الثَّالِثُ، وَإِنْ كَانَتْ سَبْعَةً، فَالْأَوْسَطُ الرَّابِعُ، وَإِنْ كَانَ عَدَدُهَا مُزْدَوَجًا، وَهِيَ مُخْتَلِفَةُ الْمِقْدَارِ، فَبَعْضُهَا مِائَةٌ، وَبَعْضُهَا مِائَتَانِ، وَبَعْضُهَا ثَلَاثُمِائَةٍ، فَأَوْسَطُهَا الْمِائَتَانِ، فَتَعَيَّنَ الْوَصِيَّةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَوْسَطُهَا. وَإِنْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةَ الْقَدْرِ، مُخْتَلِفَةَ الْأَجَلِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ اثْنَانِ مِنْهَا إلَى شَهْرٍ، وَوَاحِدٌ إلَى شَهْرَيْنِ، وَوَاحِدٌ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، تَعَيَّنَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا هُوَ إلَى شَهْرَيْنِ، لِأَنَّهَا أَوْسَطُهَا.

وَإِنْ اتَّفَقَتْ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ فِي وَاحِدٍ، تَعَيَّنَتْ فِيهِ. وَإِنْ كَانَ لَهَا أَوْسَطُ فِي الْقَدْرِ، وَأَوْسَطُ فِي الْأَجَلِ، وَأَوْسَطُ فِي الْعَدَدِ، يُخَالِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَذَلِكَ إلَى اخْتِيَارِ الْوَرَثَةِ، فَلَهُمْ وَضْعُ مَا شَاءُوا مِنْهَا. وَإِنْ اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ وَالْمُكَاتَبُ، فِيمَا أَرَادَ الْمُوصِي مِنْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَا أَرَادَ الْمُوصِي، ثُمَّ التَّعْيِينُ إلَيْهِمْ. وَمَتَى كَانَ فِيهَا أَوْسَطَانِ، عَيَّنَ الْوَرَثَةُ أَحَدَهُمَا. وَمَتَى كَانَ الْعَدَدُ وِتْرًا، فَأَوْسَطُهُ وَاحِدٌ. وَإِنْ كَانَ شَفْعًا، كَأَرْبَعَةٍ وَسِتَّةٍ، فَأَوْسَطُهُ اثْنَانِ. وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَا إذَا وَصَّى بِأَوْسَطِ نُجُومِهِ. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ مَا خَفَّ. أَوْ قَالَ: مَا يَثْقُلُ، أَوْ مَا يَكْثُرُ. كَانَ ذَلِكَ إلَى تَقْدِيرِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَخِفُّ إلَى جَنْبِ مَا هُوَ أَخَفُّ مِنْهُ، كَمَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَا إذَا وَصَّى بِمَالٍ عَظِيمٍ، أَوْ كَثِيرٍ، أَوْ ثَقِيلٍ، أَوْ خَفِيفٍ. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مَا عَلَيْهِ. وُضِعَ عَنْهُ النِّصْفُ، وَأَدْنَى زِيَادَةٍ.

وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مَا عَلَيْهِ، وَمِثْلَ نِصْفِهِ. فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ، وَأَدْنَى زِيَادَةٍ. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مَا عَلَيْهِ، وَمِثْلَهُ. فَذَلِكَ الْكِتَابَةُ كُلُّهَا، وَزِيَادَةٌ عَلَيْهَا، فَيَصِحُّ فِي الْكِتَابَةِ، وَيَبْطُلُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِعَدَمِ مَحَلِّهَا. وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ مَا شَاءَ. فَشَاءَ وَضْعَ كُلِّ مَا عَلَيْهِ، وُضِعَ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ تَتَنَاوَلُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>