تَبْطُلُ بِهِ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ أَدَّى إلَى سَيِّدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، عَتَقَ. وَعَلَى قَوْلِ مَنْ أَبْطَلَهَا، لَا يَعْتِقُ.
الثَّالِثُ، أَنَّ مَا فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ وَمَا يَكْسِبُهُ، وَمَا يَفْضُلُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ، لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ. فِي قَوْلِ الْقَاضِي، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهَا كِتَابَةٌ يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ فِيهَا، فَكَانَ هَذَا الْحُكْمُ ثَابِتًا فِيهَا، كَالصَّحِيحَةِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: ذَلِكَ لِسَيِّدِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، بِحُكْمِ الْأَصْلِ، وَالْعَقْدُ هَاهُنَا فَاسِدٌ، لَمْ يَثْبُتْ الْحُكْمُ فِي وُجُوبِ الْعِوَضِ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَمْ يُنْقَلْ الْمِلْكُ فِي الْمُعَوَّضِ كَسَائِرِ، الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ، وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا حُكْمُ الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَهِيَ لَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ لَهُ فِي كَسْبِهِ، فَكَذَا هَاهُنَا، وَفَارَقَتْ الْكِتَابَةَ الصَّحِيحَةَ، فَإِنَّهَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي الْعِوَضِ، فَأَثْبَتَتْهُ فِي الْمُعَوَّضِ. الرَّابِعُ، هَلْ يَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ وَلَدُهَا؟ قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، يَتْبَعُهَا؛ لِأَنَّهَا كِتَابَةٌ يَعْتِقُ فِيهَا بِالْأَدَاءِ، فَيَعْتِقُ بِهِ وَلَدُهَا، كَالْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ، وَالثَّانِي، لَا يَتْبَعُهَا. وَهُوَ أَقْيَسُ، وَأَصَحُّ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ فِيهِ، فَلَا يَزُولُ إلَّا بِنَصِّ، أَوْ مَعْنَى نَصٍّ، وَمَا وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِيمَا تَقَدَّمَ، فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute