للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ فَقَدَّمَ الْمَأْمُومُونَ مِنْهُمْ رَجُلًا فَأَتَمَّ بِهِمْ، جَازَ. وَإِنْ صَلَّوْا وُحْدَانًا جَازَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ، فِي إمَامٍ يَنُوبُهُ الدَّمُ أَوْ رَعَفَ أَوْ يَجِدُ مَذْيًا يَنْصَرِفُ، وَلْيَقُلْ: أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي آخِرِ قَوْلَيْهِ: الِاخْتِيَارُ أَنْ يُصَلِّيَ الْقَوْمُ فُرَادَى إذَا كَانَ ذَلِكَ. وَلَعَلَّ تَوَقُّفَ أَحْمَدَ إنَّمَا كَانَ فِي الِاسْتِخْلَافِ، لَا فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِينَ، فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِينَ لَا تَفْسُدُ بِضَحِكِ الْإِمَامِ، فَهَذَا أَوْلَى.

وَإِنْ قَدَّمَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ الْمَأْمُومِينَ لَهُمْ إمَامًا فَصَلَّى بِهِمْ، فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ كُلِّهِمْ. وَلَنَا، أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا وُحْدَانًا. فَكَانَ لَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا رَجُلًا، كَحَالَةِ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ وَإِنْ قَدَّمَ بَعْضُهُمْ رَجُلًا، وَصَلَّى الْبَاقُونَ وُحْدَانًا، جَازَ.

(١٠٠٩) فَصْلٌ: فَأَمَّا الَّذِي سَبَقَهُ الْحَدَثُ، فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَيَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُهَا. قَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَسْتَقْبِلَ. هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَمَكْحُولٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ، وَيَبْنِي. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَتَوَضَّأْ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ» . وَعَنْهُ، رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، إنْ كَانَ الْحَدَثُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ ابْتَدَأَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا بَنَى لِأَنَّ حُكْمَ نَجَاسَةِ السَّبِيلِ أَغْلَظُ، وَالْأَثَرُ إنَّمَا وَرَدَ بِالْبِنَاءِ فِي الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ، فَلَا يَلْحَقُ بِهِ مَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ.

وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِمَا رَوَى عَلِيُّ بْنُ طَلْقٍ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَتَوَضَّأْ، وَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْأَثْرَمُ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَائِمًا يُصَلِّي بِهِمْ، فَانْصَرَفَ، ثُمَّ جَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقَالَ: إنِّي قُمْتُ بِكُمْ، ثُمَّ ذَكَرْتُ أَنِّي كُنْتُ جُنُبًا وَلَمْ أَغْتَسِلْ، فَانْصَرَفْتُ فَاغْتَسَلْتُ، فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْكُمْ مِثْلُ الَّذِي أَصَابَنِي، أَوْ أَصَابَهُ فِي بَطْنِهِ رِزٌّ، فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَغْتَسِلْ، أَوْ لِيَتَوَضَّأْ، وَلْيَسْتَقْبِلْ صَلَاتَهُ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَلِأَنَّهُ فَقَدَ شَرْطَ الصَّلَاةِ فِي أَثْنَائِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَعُودُ إلَّا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ وَعَمَلٍ كَثِيرٍ، فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ تَنَجَّسَ نَجَاسَةً يَحْتَاجُ فِي إزَالَتِهَا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ، أَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ وَلَمْ يَجِدْ السُّتْرَةَ إلَّا بَعِيدَةً مِنْهُ، أَوْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ، أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ، وَحَدِيثُهُمْ ضَعِيفٌ.

(١٠١٠) فَصْلٌ: قَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ أَنْ يُسْتَخْلَفَ مَنْ سُبِقَ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ، وَلِمَنْ جَاءَ بَعْدَ حَدَثِ الْإِمَامِ، فَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ مِنْ قِرَاءَةٍ أَوْ رَكْعَةٍ أَوْ سَجْدَةٍ، وَيَقْضِي بَعْدَ فَرَاغِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِينَ. وَحُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَأَكْثَرِ مَنْ وَافَقَهُمَا فِي الِاسْتِخْلَافِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>