تِسْعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ، وَهُوَ قَاعِدٌ، فَتِلْكَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» . وَقَالَ «أَبُو سَلَمَةَ: سَأَلْت عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ» . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ. وَرَوَى ذَلِكَ أَبُو أُمَامَةَ أَيْضًا، وَأَوْصَى بِهِمَا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيُّ، وَفَعَلَهُمَا الْحَسَنُ، فَهَذَا وَجْهُ جَوَازِهِمَا.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: صَلَوَاتٌ مُعَيَّنَةٌ سِوَى ذَلِكَ، مِنْهَا صَلَاةُ الضُّحَى، وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَوْصَانِي حَبِيبِي بِثَلَاثٍ لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْت: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَأَنْ لَا أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ» . وَرَوَى أَبُو ذَرٍّ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى» . رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.
فَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ لِهَذَا الْخَبَرِ، وَأَكْثَرُهَا ثَمَانٍ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا؛ لِمَا رَوَتْ أُمُّ هَانِئٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَلَمْ أَرَ صَلَاةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَوَقْتُهَا إذَا عَلَتْ الشَّمْسُ وَاشْتَدَّ حَرُّهَا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا تُسْتَحَبُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهَا، «قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى قَطُّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: «قُلْت لِعَائِشَةَ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا، إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: «مَا حَدَّثَنِي أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى إلَّا أُمُّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا حَدَّثَتْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، مَا رَأَيْته قَطُّ صَلَّى صَلَاةً أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ فِي الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا تَشْبِيهًا بِالْفَرَائِضِ. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute