إذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ لَا يَرْفَعُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الْأَرْضِ» ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهُ فَيَكُونُ أَوْلَى.
(٢٢٩) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبُولَ فِي طَرِيقِ النَّاسِ، وَلَا مَوْرِدِ مَاءٍ، وَلَا ظِلٍّ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ؛ لِمَا رَوَى مُعَاذٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ - الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ. قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
وَالْمَوْرِدُ طَرِيقٌ. وَلَا يَبُولُ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ، فِي حَالِ كَوْنِ الثَّمَرَةِ عَلَيْهَا لِئَلَّا تَسْقُطَ عَلَيْهِ الثَّمَرَةُ فَتَتَنَجَّسَ بِهِ. فَأَمَّا فِي غَيْرِ حَالِ الثَّمَرَةِ فَلَا بَأْسَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ إلَيْهِ لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ. وَلَا يَبُولُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
؛ وَلِأَنَّ الْمَاءَ إنْ كَانَ قَلِيلًا تَنَجَّسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا، فَرُبَّمَا تَغَيَّرَ بِتَكْرَارِ الْبَوْلِ فِيهِ، فَأَمَّا الْجَارِي فَلَا يَجُوزُ التَّغَوُّطُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْذِي مَنْ يَمُرُّ بِهِ، وَإِنْ بَالَ فِيهِ وَهُوَ كَثِيرٌ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْبَوْلُ، فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّاكِدَ بِالنَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَارِيَ بِخِلَافِهِ، وَلَا يَبُولُ عَلَى مَا نُهِيَ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَبْلُغُ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ بِهِ فَالنَّهْيُ ثَمَّ تَنْبِيهٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْبَوْلِ عَلَيْهِ.
وَيُكْرَهُ عَلَى أَنْ يَبُولَ فِي شَقٍّ أَوْ ثَقْبٍ؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُغَفَّلِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ» وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَيَوَانٌ يَلْسَعُهُ أَوْ يَكُونَ مَسْكَنًا لِلْجِنِّ فَيَتَأَذَّى بِهِمْ، فَقَدْ حُكِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ بَالَ فِي جُحْرٍ بِالشَّامِ ثُمَّ اسْتَلْقَى مَيِّتًا فَسُمِعَتْ الْجِنُّ تَقُولُ:
نَحْنُ قَتَلْنَا سَيِّدَ الْخَزْرَجِ ... سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ
وَرَمَيْنَاهُ بِسَهْمَيْنِ ... فَلَمْ نُخْطِئْ فُؤَادَهْ
وَلَا يَبُولُ فِي مُسْتَحِمِّهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ: سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيَّ يَقُولُ: إنَّمَا هَذَا فِي الْحَفِيرَةِ؛ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَمُغْتَسَلَاتُهُمْ الْجِصُّ وَالصَّارُوجُ وَالْقِيرُ فَإِذَا بَالَ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْبُصَاقَ عَلَى الْبَوْلِ يُورِثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute