وَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا أَبْعَدَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ الرَّمْلِ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ» وَرُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَنَّهُ خَرَجَ وَمَعَهُ دَرَقَةٌ، ثُمَّ اسْتَتَرَ بِهَا، ثُمَّ بَالَ» .
وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ الْبَرَازَ انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ.» وَالْبَرَازُ: الْمَوْضِعُ الْبَارِزُ، سُمِّيَ قَضَاءُ الْحَاجَةِ بِهِ؛ لِأَنَّهَا تُقْضَى فِيهِ. وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ذَهَبَ أَبْعَدَ» ، رَوَى أَحَادِيثَ هَذَا الْفَصْلِ كُلَّهَا أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: «كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهِ لِحَاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(٢٢٧) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْتَادَ لِبَوْلِهِ مَوْضِعًا رَخْوًا؛ لِئَلَّا يَتَرَشَّشَ عَلَيْهِ، «قَالَ أَبُو مُوسَى كُنْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَبَوَّلَ، فَأَتَى دَمِثًا فِي أَصْلِ حَائِطٍ، فَبَالَ ثُمَّ قَالَ إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَبَوَّلَ فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبُولَ قَاعِدًا؛ لِئَلَّا يَتَرَشَّشَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ الْجَفَاءِ أَنْ تَبُولَ وَأَنْتَ قَائِمٌ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ مَنْ بَالَ قَائِمًا، «قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ، مَا كَانَ يَبُولُ إلَّا قَاعِدًا.» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ
وَقَدْ رُوِيت الرُّخْصَةُ فِيهِ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعُرْوَةَ. وَرَوَى حُذَيْفَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِمًا.» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَلَعَلَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ لِتَبْيِينِ الْجَوَازِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْجُلُوسِ فِيهِ.
وَقِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِمَأْبِضِهِ. وَالْمَأْبِضُ مَا تَحْتِ الرُّكْبَةِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ.
(٢٢٨) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَرْفَعَ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الْأَرْضِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute