(٣٠٤) فَصْلٌ: وَإِنَّمَا تُؤَثِّرُ خَلْوَتُهَا فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ، وَمَا بَلَغَ الْقُلَّتَيْنِ لَا تُؤَثِّرُ خَلْوَتُهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ النَّجَاسَةِ وَالْحَدَثِ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ، فَوَهْمُ ذَلِكَ أَوْلَى.
(٣٠٥) فَصْلٌ: وَمَنْعُ الرَّجُلِ مِنْ اسْتِعْمَالِ فَضْلَةِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ تَعَبُّدِيٌّ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَلِذَلِكَ يُبَاحُ لِامْرَأَةٍ سِوَاهَا التَّطَهُّرُ بِهِ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ، وَغَسْلِ النَّجَاسَةِ، وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ اخْتَصَّ الرَّجُلَ وَلَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ، فَيَجِبُ قَصْرُهُ عَلَى مَحَلِّ النَّهْيِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ غَسْلُ النَّجَاسَةِ بِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ لَا يَرْفَعُ حَدَثَهُ، فَلَمْ يُزِلْ النَّجَسَ، كَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ. وَالثَّانِي يَجُوزُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ يُطَهِّرُ الْمَرْأَةَ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ، وَيُزِيلُهَا مِنْ الْمَحَالِّ كُلِّهَا إذَا فَعَلَتْهُ، فَيُزِيلُهَا إذَا فَعَلَهُ الرَّجُلُ كَسَائِرِ الْمِيَاهِ؛ وَلِأَنَّهُ مَاءٌ يُزِيلُ النَّجَاسَةَ بِمُبَاشَرَةِ الْمَرْأَةِ، فَيُزِيلُهَا إذَا فَعَلَهُ الرَّجُلُ، كَسَائِرِ الْمِيَاهِ، وَالْحَدِيثُ لَا نَعْقِلُ عِلَّتَهُ، فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ لَفْظُهُ، وَنَحْوُ هَذَا يُحْكَى عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute