لَا يَمْنَعُ الصُّلْحَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ تَجْوِيزَ أَخْذِ الْإِنْسَانِ حَقَّ غَيْرِهِ بِرِضَاهُ وَصُلْحِهِ، لَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ أَخْذِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ
وَظَاهِرُ قَوْلِ الْوَنِّيِّ هَذَا أَنْ تُقَسَّمَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ، وَيَقِفَ نَصِيبَهُ لَا غَيْرُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُقَسَّمُ الْمَالُ عَلَى الْمَوْجُودِينَ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَحَقِّقُونَ، وَالْمَفْقُودُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يُوَرَّثُ مَعَ الشَّكِّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ الْمَالُ فِي يَدِهِ، فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ، وَخَلَّفَ ابْنَتَيْهِ، وَابْنَ ابْنٍ، أَبُوهُ مَفْقُودٌ، وَالْمَالُ فِي يَدِ الِابْنَتَيْنِ، فَاخْتَصَمُوا إلَى الْقَاضِي، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُحَوِّلَ الْمَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَلَا يَقِفَ مِنْهُ شَيْئًا، سَوَاءٌ اعْتَرَفَتْ الِابْنَتَانِ بِفَقْدِهِ، أَوْ ادَّعَتَا مَوْتَهُ
وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ ابْنِ الْمَفْقُودِ، لَمْ يُعْطَ الِابْنَتَانِ إلَّا النِّصْفَ أَقَلَّ مَا يَكُونُ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ، فَأَقَرَّ بِأَنَّ الِابْنَ مَفْقُودٌ، وُقِفَ لَهُ النِّصْفُ فِي يَدَيْهِ، وَإِنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ: قَدْ مَاتَ الْمَفْقُودُ، لَزِمَهُ دَفْعُ الثُّلُثَيْنِ إلَى الْبِنْتَيْنِ، وَيُوقَفُ الثُّلُثُ، إلَّا أَنْ يُقِرَّ ابْنُ الِابْنِ بِمَوْتِ أَبِيهِ، فَيُدْفَعَ إلَيْهِ الْبَاقِي. وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَمِنْ مَسَائِلِ ذَلِكَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ وَأَخٌ مَفْقُودٌ، مَسْأَلَةُ الْمَوْتِ، مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةُ الْأَكْدَرِيَّةِ، وَمَسْأَلَةُ الْحَيَاةِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَهُمَا يَتَّفِقَانِ بِالْأَتْسَاعِ
، فَتَضْرِبُ تُسْعَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى، تَكُنْ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ، لِلزَّوْجِ النِّصْفُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، وَالثُّلُثُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ، فَيُعْطَى الثُّلُثَ، وَلِلْأُمِّ التُّسْعَانِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ، وَالسُّدُسُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، فَتُعْطَى السُّدُسَ، وَلِلْجَدِّ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ، وَتِسْعَةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، فَيَأْخُذُ التِّسْعَةَ، وَلِلْأُخْتِ ثَمَانِيَةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ، وَثَلَاثَةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، فَتَأْخُذُ ثَلَاثَةً، وَيَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْقُوفَةً، إنْ بَانَ أَنَّ الْأَخَ حَيٌّ، وَأَخَذَ سِتَّةً، وَأَخَذَ الزَّوْجُ تِسْعَةً، وَإِنْ بَانَ مَيِّتًا، أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ قُدُومِهِ، أَخَذَتْ الْأُمُّ ثَلَاثَةً، وَالْأُخْتُ خَمْسَةً، وَالْجَدُّ سَبْعَةً
وَاخْتَارَ الْخَبْرِيُّ أَنَّ الْمُدَّةَ إذَا مَضَتْ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَمْرُهُ، أَنْ يُقَسَّمَ نَصِيبُهُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَى وَرَثَتِهِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ مَحْكُومًا بِحَيَاتِهِ، لِأَنَّهَا الْيَقِينُ، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِمَوْتِهِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ. وَلَنَا، أَنَّهُ مَالٌ مَوْقُوف لِمَنْ يُنْتَظَرُ مِمَّنْ لَا يَعْلَمُ حَالُهُ، فَإِذَا لَمْ تَتَبَيَّنْ حَيَاتُهُ، لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ، كَالْمَوْقُوفِ لِلْحَمْلِ، وَلِلْمُورِثَةِ أَنْ يَصْطَلِحُوا عَلَى التِّسْعَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ. زَوْجٌ وَأَبَوَانِ وَابْنَتَانِ مَفْقُودَتَانِ
مَسْأَلَةُ حَيَاتِهِمَا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَفِي حَيَاةِ إحْدَاهُمَا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَفِي مَوْتِهِمَا مِنْ سِتَّةٍ، فَتَضْرِبُ ثُلُثَ السِّتَّةِ فِي خَمْسَةَ عَشْرَ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ، تَكُنْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ، ثُمَّ تُعْطِي الزَّوْجَ وَالْأَبَوَيْنِ حُقُوقَهُمْ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ مَضْرُوبًا فِي اثْنَيْنِ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةَ عَشْرَ، وَتَقِفُ الْبَاقِي. وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ مَفْقُودُونَ، عَمِلْت لَهُمْ أَرْبَعَ مَسَائِلَ. وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً عَمِلْت لَهُمْ مَسَائِلَ. وَعَلَى هَذَا. وَإِنْ كَانَ الْمَفْقُودُ يَحْجُبُ وَلَا يَرِثُ، كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ مِنْ أَبَوَيْنِ وَأُخْتٍ مِنْ أَبٍ وَأَخٍ لَهَا مَفْقُودٍ، وَقَفْت السُّبْعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ
وَقِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute