للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرَةٌ، وَهِيَ سِتَّةُ أَلْفَاظٍ؛ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ، وَأَمْرُك بِيَدِك. الْحُكْمُ فِيهَا مَا بَيَّنَّاهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ، أَوْ أَلْبَتَّةَ. فَكَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ بِهَا الطَّلَاقَ الصَّرِيحَ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك. وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا، فَهِيَ ثَلَاثٌ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا رَجْعَةَ فِيهَا، وَلَا مَثْنَوِيَّةَ. هَذِهِ مِثْلُ الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ ثَلَاثًا، هَكَذَا هُوَ عِنْدِي. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ قَالَ: وَلَا رَجْعَةَ لِي فِيهَا. بِالْوَاوِ، فَكَذَلِكَ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: تَكُونُ رَجْعِيَّةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِفْ الطَّلْقَةَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا عَطَفَ عَلَيْهَا.

وَلَنَا، أَنَّ الصِّفَةَ تَصِحُّ مَعَ الْعِطْفِ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِعَشْرَةِ وَهِيَ مَغْرِبِيَّةٌ صَحَّ، وَكَانَ صِفَةً لِلثَّمَنِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: ٢] . وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنًا أَوْ وَاحِدَةً بَتَّةً. فَفِيهَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ؛ إحْدَاهُنَّ، أَنَّهَا وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَيَلْغُو مَا بَعْدَهَا. قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مُتَقَدِّمًا، إنْ نَوَى وَاحِدَةً تَكُونُ بَائِنًا وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الطَّلْقَةَ بِمَا لَا تَتَّصِفُ بِهِ، فَلَغَتْ الصِّفَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا تَقَعُ عَلَيْك. وَالثَّانِيَةُ: هِيَ ثَلَاثٌ. قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا يَقْتَضِي الثَّلَاثَ، فَوَقَعَ، وَلَغَا قَوْلُهُ: وَاحِدَةً. كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثَلَاثًا. وَالثَّالِثَةُ، رَوَاهَا حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ، إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً أَلْبَتَّةَ، فَإِنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا، يَزِيدُهَا فِي مَهْرِهَا إنْ أَرَادَ رَجْعَتَهَا.

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَوْقَعَ بِهَا وَاحِدَةً بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا، وَلَوْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً لَمَا كَانَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، وَلَا احْتَاجَتْ إلَى زِيَادَةٍ فِي مَهْرِهَا، وَلَوْ وَقَعَ ثَلَاثٌ لَمَا حَلَّتْ لَهُ رَجْعَتُهَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ تُخَرَّجُ فِي جَمِيعِ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِصِفَةِ الْبَيْنُونَةِ، فَوَقَعَ عَلَى مَا أَوْقَعَهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَمْ يَقْتَضِ عَدَدًا، فَلَمْ يَقَعْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَحَمَلَ الْقَاضِي رِوَايَةَ حَنْبَلٍ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. الْقَسَمُ الثَّانِي، مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَهِيَ ضَرْبَانِ؛ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، وَهِيَ عَشْرَةٌ؛ الْحَقِي بِأَهْلِك. وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك. وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك. وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَجٌ. وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ. وَاذْهَبِي فَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْت.

<<  <  ج: ص:  >  >>