للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ، ثُمَّ قَالَ: إذَا قُلْت هَذَا - أَوْ قَضَيْت هَذَا - فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك» . وَفِي لَفْظٍ: " وَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. أَمَرَنَا بِالِاسْتِعَاذَةِ عَقِيبَ التَّشَهُّدِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَقُولُونَ فِي التَّشَهُّدِ قَوْلًا، فَنَقَلَهُمْ عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى التَّشَهُّدِ وَحْدَهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَيْرُهُ، وَلِأَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ الشَّرْعِ، وَلَمْ يَرِدْ بِإِيجَابِهِ.

وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وُجُوبُهُ؛ فَإِنَّ أَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيَّ نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَتَهَيَّبُ ذَلِكَ، ثُمَّ تَبَيَّنْتُ، فَإِذَا الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ إلَى هَذَا؛ لِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، قَالَ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عُلِّمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْك، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك؟ قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ «سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ رَبَّهُ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَجِلَ هَذَا. ثُمَّ دَعَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لِيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ» . وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ شُرِطَ فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِالشَّهَادَةِ، فَشُرِطَ ذِكْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالْأَذَانِ. فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الزِّيَادَةُ فِيهِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

(٧٥٦) فَصْلٌ: وَصِفَةُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ، لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيّ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: " كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ "، وَ " كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ " وَفِي رِوَايَةٍ: " كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ " وَ " كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ؛ فِي الْعَالَمِينَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ «، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ. لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>