للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بْنِ عُجْرَةَ، وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِيهَا. وَعَلَى أَيِّ صِفَةٍ أَتَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِمَّا وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ، جَازَ، كَقَوْلِنَا فِي التَّشَهُّدِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَخَلَّ بِلَفْظٍ سَاقِطٍ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ، جَازَ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا أَغْفَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَسْبُ؛ لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ أَبِي زُرْعَةَ: الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرٌ، مَنْ تَرَكَهَا أَعَادَ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّلَاةَ عَلَى آلِهِ.

وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَلَهُمْ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى آلِهِ وَجْهَانِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فِي خَبَرِ كَعْبٍ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِهِ، وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَمَرَهُمْ بِهَذَا حِينَ سَأَلُوهُ تَعْلِيمَهُمْ، وَلَمْ يَبْتَدِئْهُمْ بِهِ.

(٧٥٧) فَصْلٌ: آلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ} [غافر: ٤٦] . يَعْنِي أَتْبَاعَهُ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ.

وَقَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «، أَنَّهُ سُئِلَ: مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: كُلُّ تَقِيٍّ» . أَخْرَجَهُ تَمَّامٌ فِي " فَوَائِدِهِ ". وَقِيلَ آلُهُ: أَهْلُهُ، الْهَاءُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ الْهَمْزَةِ، كَمَا يُقَالُ: أَرَقْتُ الْمَاءَ وَهَرَقْتُهُ. فَلَوْ قَالَ: وَعَلَى أَهْلِ مُحَمَّدٍ، مَكَانَ آلِ مُحَمَّدٍ، أَجْزَأَهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَقَالَ: مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ صُغِّرَ، قِيلَ: أُهَيْلٌ: قَالَ. وَمَعْنَاهُمَا جَمِيعًا أَهْلُ دِينِهِ.

وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو حَفْصٍ: لَا يُجْزِئُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ لَفْظِ الْأَثَرِ، وَتَغْيِيرِ الْمَعْنَى، فَإِنَّ الْأَهْلَ إنَّمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْقَرَابَةِ، وَالْآلَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْأَتْبَاعِ فِي الدِّينِ.

(٧٥٨) فَصْلٌ: وَأَمَّا تَفْسِيرُ التَّحِيَّاتِ، فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: التَّحِيَّةُ الْعَظَمَةُ، وَالصَّلَوَاتُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسِ، وَالطَّيِّبَاتُ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: التَّحِيَّاتُ الْمُلْكُ. وَأَنْشَدَ:

وَلَكُلُّ مَا نَالَ الْفَتَى ... قَدْ نِلْتُهُ إلَّا التَّحِيَّةَ

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: التَّحِيَّةُ الْبَقَاءُ. وَاسْتَشْهَدَ بِهَذَا الْبَيْتِ.

وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: التَّحِيَّاتُ السَّلَامُ، وَالصَّلَوَاتُ الرَّحْمَةُ، وَالطَّيِّبَاتُ مِنْ الْكَلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>