يَقُولُونَ: لَا يَدْعُو فِي الْمَكْتُوبَةِ إلَّا بِمَا فِي الْقُرْآنِ. فَنَفَضَ يَدَهُ كَالْمُغْضَبِ، وَقَالَ: مَنْ يَقِفُ عَلَى هَذَا، وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ مَا قَالُوا، قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إذَا جَلَسَ فِي الرَّابِعَةِ يَدْعُو بَعْدَ التَّشَهُّدِ بِمَا شَاءَ؟ قَالَ: بِمَا شَاءَ لَا أَدْرِي، وَلَكِنْ يَدْعُو بِمَا يَعْرِفُ وَبِمَا جَاءَ. فَقُلْت: عَلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، يَقُولُ: إذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، وَذَكَرَ التَّشَهُّدَ، ثُمَّ لِيَقُلْ: " اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ. اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَك عِبَادُك الصَّالِحُونَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عِبَادُك الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِك وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ". رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ، قَالَ: وَعَلَّمَنَا أَنْ نَقُولَ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَأَخْرِجْنَا مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ، وَاصْرِفْ عَنَّا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَبْصَارِنَا وَأَسْمَاعِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إنَّك أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِك، مُثْنِينَ عَلَيْك بِهَا، قَابِلِيهَا، وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ «قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي. قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك، وَارْحَمْنِي، إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ: مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: أَتَشَهَّدُ، ثُمَّ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّارِ، أَمَا وَاَللَّهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَك، وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ. فَقَالَ: حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَهُمْ التَّشَهُّدَ، فَقَالَ فِي آخِرِهِ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ النَّارِ» . وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: بِمَا ذُكِرَ فِي الْأَخْبَارِ. يَعْنِي أَخْبَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ وَالسَّلَفِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ ذَهَبَ إلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الدُّعَاءِ، وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ: يَدْعُو بِمَا جَاءَ وَبِمَا يَعْرِفُ.
وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ فِي سُجُودِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute