للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُمَّ كَمَا صُنْتَ وَجْهِي عَنْ السُّجُودِ لِغَيْرِك فَصُنْ وَجْهِي عَنْ الْمَسْأَلَةِ لِغَيْرِك. وَقَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَقُولُهُ فِي سُجُودِهِ. وَقَالَ: سَمِعْت الثَّوْرِيَّ يَقُولُهُ فِي سُجُودِهِ.

(٧٦٤) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْعُوَ فِي صَلَاتِهِ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ مَلَاذُّ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتُهَا، بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ وَأَمَانِيَّهُمْ، مِثْلُ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ، وَدَارًا قَوْرَاءَ، وَطَعَامًا طَيِّبًا، وَبُسْتَانًا أَنِيقًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَدْعُو بِمَا أَحَبَّ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي التَّشَهُّدِ: " ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِمُسْلِمٍ: " ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ أَوْ مَا أَحَبَّ ". وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ أَرْبَعٍ، ثُمَّ يَدْعُو لِنَفْسِهِ مَا بَدَا لَهُ» . وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ، وَلِأَنَّهُ كَلَامُ آدَمِيٍّ يُخَاطَبُ بِمِثْلِهِ، أَشْبَهَ تَشْمِيتَ الْعَاطِسِ، وَرَدَّ السَّلَامِ، وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ مِنْ الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ وَمَا أَشْبَهَهُ.

(٧٦٥) فَصْلٌ: فَأَمَّا الدُّعَاءُ بِمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا لَيْسَ بِمَأْثُورٍ، وَلَا يُقْصَدُ بِهِ مَلَاذُّ الدُّنْيَا، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ؛ لِقَوْلِهِ: وَلَكِنْ يَدْعُو بِمَا جَاءَ وَبِمَا يَعْرِفُ. وَحَكَى عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ الرَّجُلُ بِجَمِيعِ حَوَائِجِهِ؛ مِنْ حَوَائِجِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ "، وَقَوْلُهُ: " ثُمَّ يَدْعُو لِنَفْسِهِ بِمَا بَدَا لَهُ ". وَقَوْلُهُ: " ثُمَّ لِيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ ". وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي. فَقَالَ: احْمَدِي اللَّهَ عَشْرًا، وَسَبِّحِي اللَّهَ عَشْرًا، ثُمَّ سَلِي مَا شِئْتِ. يَقُولُ: نَعَمْ نَعَمْ نَعَمْ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ

،

<<  <  ج: ص:  >  >>